• ذهب العمراني -رحمه الله- في «البيان» إلى أنَّ الفضيلة التي في المسجد الحرام المراد بها الكعبة، وما في الحجر، ثم استدل بحديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أصلي في البيت. فقال:«صلِّي في الحِجْر؛ فإنه من البيت»، قال: فلو كان المسجد وسائر بقاع الحرم يساوي الكعبة بذلك لم يكن لتخصيصها بالبيت معنى.
• وذهب النووي -رحمه الله- إلى أنَّ الفضيلة في المسجد النبوي مختصة بالمسجد الذي كان على عهد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مستدلًّا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند البخاري (١١٩٠)، ومسلم (١٣٩٤): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه؛ إلا المسجد الحرام» يعني قوله: «مسجدي هذا».
قلتُ: أما قول العمراني فضعيف جدًّا، وحديث عائشة -رضي الله عنها- الذي ذكره أخرجه أبو داود (٢٠٢٨)، والترمذي (٨٧٦)، والنسائي (٢٩١١) بنحوه، وليس فيه دلالة على ما استدل به، إنما يستفاد منه: أنَّ من نذر أن يصلي في البيت أجزأه الصلاة في الحجر، وأكثر ما يستدل به هو فضيلة الصلاة في الكعبة، لا أنَّ الفضل المذكور مختص بها.
وكلام النووي -رحمه الله- غير صحيح؛ فإنَّ الإشارة بقوله:«مسجدي هذا» إنما هو للاحتراز من غيره من مساجد المدينة، والمسجد وإن زيد فيه؛ فهو ما زال يطلق عليه: مسجد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.