قلتُ: وعامة العلماء على أنَّ الفضيلة المذكورة في الحديث تشمل المسجدين مع الزيادة.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في كتابه «الرد على الأخنائي»(ص ١٣٦ - ١٣٨): وقد جاءت الآثار بأنَّ حكم الزيادة في مسجده حكم المزيد، تُضَعَّف فيه الصلاة بألف صلاة، كما أنَّ المسجد الحرام حكم الزيادة فيه حكم المزيد؛ فيجوز الطواف فيه، والطواف لا يكون إلا في المسجد، لا خارجًا منه؛ ولهذا اتفق الصحابة على أنهم يصلون في الصف الأول من الزيادة التي زادها عمر، ثم عثمان، وعلى ذلك عمل المسلمين كلهم، فلولا أن حكمه حكم مسجده؛ لكانت تلك صلاة في غير مسجده، والصحابة وسائر المسلمين بعدهم لا يحافظون على العدول عن مسجده إلى غير مسجده، ويأمرون بذلك.
ثم نقل عن أبي زيد عمر بن شبه بعض الآثار، منها ما أسنده عن عمر -رضي الله عنه- من وجه منقطع، أنه قال: لو مُدَّ مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذي الحليفة؛ لكان منه.
وأسند عن عمر من وجه آخر ضعيف أنه قال: لو زدنا فيه حتى بلغ الجبانة؛ كان مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاءه الله بعامر.
ثم قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: وهذا الذي جاءت به الآثار هو الذي يدل عليه كلام الأئمة المتقدمين، وعملهم؛ فإنهم قالوا: إنَّ صلاة الفرض خلف الإمام أفضل. وهذا الذي قالوه هو الذي جاءت به السنة، وكذلك كان الأمر على عهد عمر، وعثمان -رضي الله عنهما-؛ فإنَّ كلًّا منهما زاد من قبلي المسجد، فكان مقامه في الصلوات