للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثَّامِن: أَنَّهُ إِذَا نَامَ جَالِسًا مُمَكِّنًا مَقْعَدَته مِنْ الْأَرْض لم يُنْتَقَض، وَإِلَّا اُنْتُقِضَ سَوَاء قَلَّ أَوْ كَثُرَ، سَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة أَوْ خَارِجهَا، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَعِنْده أَنَّ النَّوْم لَيْسَ حَدَثًا فِي نَفْسه وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيل عَلَى خُرُوج الرِّيح، فَإِذَا نَامَ غَيْر مُمَكِّن الْمَقْعَدَة غَلَبَ عَلَى الظَّنّ خُرُوج الرِّيح فَجَعَلَ الشَّرْع هَذَا الْغَالِب كَالْمُحَقَّقِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ مُمَكِّنًا فَلَا يَغْلِب عَلَى الظَّنّ الْخُرُوج وَالْأَصْل بَقَاء الطَّهَارَة.

قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: جاء في «الصحيحين» عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها قالت للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ قال: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَان، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي»، فدلَّ هذا الحديث على أنَّ النوم ليس حدثًا بذاته (١)، ولكنه مظنةٌ للحدث.

ولمَّا كان النوم مَظَنَّةً للحدث أوجب الشارع فيه الوضوء كما في حديث صفوان بن عسال، وهو الذي كان مفهومًا عند عائشة؛ ولذلك سألت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ ولذلك فإنَّ النوم يعتبر ناقضًا للوضوء، كما ذهب إليه أهل القول الثاني.

وهذا ترجيح ابن حزم في «المحلَّى» (١٥٨)، والإمام الألباني في «تمام المنة» (ص ١٠٠ - ١٠١).

وهو الراجح فيما يظهر لي، والله أعلم.

وأما حديث أنس الذي في الباب؛ فإنه قد جاء بألفاظ، بلفظ: «تخفق


(١) ((قال المزني، وابن حزم: إنه حدثٌ. وهو خلاف الصواب. «التمهيد» (٢/ ٦٤)، «المحلَّى» (١٥٨).
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «الفتاوى» (٢١/ ٣٩١): وجمهور السلف والخلف أنَّ النوم نفسه ليس بناقض، ولكنه مظنة خروج الحدث.

<<  <  ج: ص:  >  >>