ثم قال:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، فهذه طهارة بالماء أصلية كبرى.
ثم قال:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، فقوله:{فَتَيَمَّمُوا} هذا البدل، وقوله:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} هذا بيان سبب الصغرى.
وقوله:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، هذا بيان سبب الكبرى، ولو حملناه على المس الذي هو الجس باليد؛ لكانت الآية الكريمة ذكر الله فيها سببين للطهارة الصغرى، وسكت عن سبب الطهارة الكبرى، مع أنه قال:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، وهذا خلاف البلاغة القرآنية.
وعليه فتكون الآية دالة على أن المراد بقوله:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، أي: جامعتم؛ ليكون الله ذكر السببين الموجبين للطهارة: السبب الأكبر، والسبب الأصغر، والطهارتين الصغرى في الأعضاء الأربعة، والكبرى في جميع البدن، والبدل الذي هو طهارة التيمم في عضوين فقط؛ لأنه يتساوى فيها الطهارة الكبرى، والصغرى.
فالراجح أنَّ مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه شيء. انتهى.
وقد سبق إلى هذا الاستنباط من الآية ابن المنذر في «الأوسط»(١/ ١٢٨). (١)