لا أقرُّ لك حتى تهب لي كذا، وتضع عني كذا، وأما إذا أقر له، ثم صالحه ببعضه، فأي هضم هناك. اهـ
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني»(٧/ ١٢): فأما في الاعتراف فإذا اعترف بشيء وقضاه من جنسه فهو وفاء، وإن قضاه من غير جنسه فهي معاوضة، وإن أبرأه من بعضه اختيارًا منه واستوفى الباقي؛ فهو إبراء، وإن وهب له بعض العين وأخذ باقيها بطيب نفس؛ فهي هبة، فلا يسمي ذلك صلحًا ونحو ذلك، قال ابن أبي موسى: وسماه القاضي وأصحابه صلحًا. وهو قول الشافعي وغيره، والخلاف في التسمية، أما المعنى فمتفق عليه وهو فعل ما عدا وفاء الحق وإسقاطه على وجه يصح، وذلك ثلاثة أقسام: معاوضة، وإبراء، وهبة. اهـ
قلتُ: أما إذا عاوضه بشيءٍ آخر فيراعى في صحته ما يراعى في البيوع، فيفسد بما تفسد به البيوع، فمثلًا: لو كان له عليه دنانير فاعترف له بها، وصالحه على دراهم؛ فلا يجوز التفرق حتى يقبضها، أو كان له عليه دينٌ، فصالحه على أن يعطيه شيئًا موصوفًا في ذمته، فلا يجوز؛ لأنه بيع دين بدين (١) ... ، وهكذا فقس عليه.
وأما الإبراء والهبة فاشترط جماعة من الحنابلة والشافعية أن لا يخرج ذلك مخرج الشرط، كأن يقول: أبرأتك من نصف الدين على أن تعطيني الآن ما بقي.
(١) هذا التمثيل على مذهب الجمهور، وقد نقل إجماعًا، والصحيح جوازه، أجازه شيخ الإسلام وابن القيم رحمة الله عليهما، وقد تقدم الكلام على ذلك تحت حديث (٨٣٢).