لم يَصِح حديثٌ مرفوعٌ عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في تحديد القلتين، وقد جاء عند ابن عدي (٦/ ٣٥٩)، من حديث ابن عمر مرفوعًا:«إذا بلغ الماء قلتين من قِلال هجر، لم يُنَجِّسْهُ شيءٌ»، وفي إسناده: المغيرة بن سِقْلاب، وهو ضعيفٌ جدًّا. وقد ذكر ابن عدي هذا الحديث في ترجمته، ونصَّ على أنه منكرُ الحديث، وأنه لا يتابع على أحاديثه.
• وقد اخْتُلِفَ في تحديد القُلَّتين اختِلافًا كثيرًا، أوصلها ابن المنذر إلى تسعة أقوال، كما في «الأوسط»(١/ ٢٦١ - ٢٦٣).
وأقربها -والله أعلم- قولان:
الأول: أنَّ المراد بها قِلال هَجر، هذا الذي عليه جمهور الحنابلة، والشافعية، واستدلوا بالحديث المتقدم، وقد تقدَّمَ أنه ضعيفٌ، واستدلوا بمرسل من مراسيل يحيى بن يعمر، وهو مع كونه مرسلًا؛ فلا يصح؛ لأن في إسناده: محمد بن يحيى، شيخ ابن جريج، وهو مجهول.
قال الحافظ -رحمه الله- في «التلخيص»(١/ ٢٢): لكن أصحاب الشافعي قَوَّوا أنَّ المراد قِلال هجر بكثرة استعمال العرب لها في أشعارهم، كما قال أبو عبيد في كتاب «الطهور»، وكذلك ورد التقييد بها في الحديث الصحيح.
قال البيهقي -رحمه الله-: قلال هجر كانت مشهورة عندهم، ولهذا شبَّه بها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما رأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى: «فإذا ورقها مثل آذان الفيلة، وإذا نبقها