للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»، فذكر منهم: «رَجُلٌ كَانَ بِفَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ، فَمَنَعَهُ ابْنَ السَّبِيلِ» متفق عليه. (١)

قال: إذَا كَانَ النَّهْرُ، أَوْ السَّاقِيَةُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ جَمَاعَةٍ؛ فَإِنْ أَرَادُوا إكْرَاءَهُ أَوْ سَدَّ بَثْقٍ فِيهِ، أَوْ إصْلَاحَ حَائِطِهِ، أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ؛ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ مِلْكِهِمْ فِيهِ؛ فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَدْنَى إلَى أَوَّلِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ اشْتَرَكَ الْكُلُّ فِي إكْرَائِهِ وَإِصْلَاحِهِ، إلَى أَنْ يَصِلُوا إلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَشْتَرِكُ الْبَاقُونَ حَتَّى يَصِلُوا إلَى الثَّانِي، ثُمَّ يَشْتَرِكُ مَنْ بَعْدَهُ كَذَلِكَ، كُلَّمَا انْتَهَى الْعَمَلُ إلَى مَوْضِعِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَهُ شَيْءٌ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: يَشْتَرِكُ جَمِيعُهُمْ فِي إكْرَائِهِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِجَمِيعِهِ؛ فَإِنَّ مَا جَاوَزَ الْأَوَّلَ مَصَبٌّ لِمَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْقِ أَرْضَهُ. وَلَنَا أَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا يَنْتَفِعُ بِالْمَاءِ الَّذِي فِي مَوْضِعِ شُرْبِهِ، وَمَا بَعْدَهُ إنَّمَا يَخْتَصُّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مَنْ دُونَهُ، فَلَا يُشَارِكُهُمْ فِي مُؤْنَتِهِ، كَمَا لَا يُشَارِكُهُمْ فِي نَفْعِهِ؛ فَإِنْ كَانَ يَفْضُلُ عَنْ جَمِيعِهِمْ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَى مَصْرِفٍ؛ فَمُؤْنَةُ ذَلِكَ الْمَصْرِفِ عَلَى جَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْتَرِكُونَ فِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِهِ؛ فَكَانَتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، كَأَوَّلِهِ. انتهى ملخصًا من «المغني» (٨/ ١٦٧ - ١٧٦). (٢)

تنبيه: الماء الذي في أرضٍ مباحة ليس لأحد أن يتملكه، وكذلك الكلأ، بل هو مشترك بين المسلمين، والأحق فيه الأسبق، فالأسبق.


(١) أخرجه البخاري برقم (٧٢١٢)، ومسلم برقم (١٠٨).
(٢) وانظر: «الإنصاف» (٦/ ٣٤٥) «زاد المعاد» (٥/ ٨٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>