حَصَلَ الْمَاءُ فِي سَاقِيَتِهِ انْفَرَدَ بِهِ؛ فَإِنْ كَانَتْ أَمْلَاكُهُمْ مُخْتَلِفَةً؛ قُسِّمَ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ، وَلِلْآخَرِ سُدُسُهُ، جُعِلَ فِيهِ سِتَّةُ ثُقُوبٍ، لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ تَصُبُّ فِي سَاقِيَتِهِ، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ، وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدٌ.
قال: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي سَاقِيَتِهِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ بِمَا أَحَبَّ، مِنْ إجْرَاءِ غَيْرِ هَذَا الْمَاءِ فِيهَا، أَوْ عَمَلِ رَحًى عَلَيْهَا، أَوْ دُولَابٍ، أَوْ عَبَّارَةٍ، وَهِيَ خَشَبَةٌ تُمَدُّ عَلَى طَرَفَيْ النَّهْرِ، أَوْ قَنْطَرَةٍ يَعْبُرُ الْمَاءُ فِيهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهَا، فَأَمَّا النَّهْرُ الْمُشْتَرَكُ؛ فَلَيْسَ لَوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَفِي حَرِيمِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ.
٢) أَنْ يَكُونَ مَنْبَعُ الْمَاءِ مَمْلُوكًا، مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِكَ جَمَاعَةٌ فِي اسْتِنْبَاطِ عَيْنٍ وَإِجْرَائِهَا؛ فَإِنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إحْيَاءٌ لَهَا، وَيَشْتَرِكُونَ فِيهَا، وَفِي سَاقِيَتِهَا، عَلَى حَسَبِ مَا أَنْفَقُوا عَلَيْهَا، وَعَمِلُوا فِيهَا، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، إلَّا أَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ ثَمَّ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ دَخَلَ مِلْكَهُ؛ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ صَيْدٌ بُسْتَانَه، وَهَاهُنَا يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ أَيْضًا.
قال: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي لِشُرْبِهِ، وَوُضُوئِهِ، وَغُسْلِهِ، وَغَسْلِ ثِيَابِهِ، وَيَنْتَفِعَ بِهِ فِي أَشْبَاهِ ذَلِكَ، مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَيْهِ فِي مَكَان مُحَوَّطٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ الله إلَيْهِمْ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute