للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وذهب أصحاب الرأي إلى أنه لا يعتمد حكم القافة، ويلحق بالمدعيين كليهما؛ لأنَّ الحكم بالقافة تعويل على مجرد الشبه بالظن والتخمين، واستدلوا بحديث: «لعل عرقًا نزعه ... » (١)، وقالوا: لو كان يعتمد عليه؛ لرجم الملاعنة، ولألحق ابن أمة زمعة بزمعة.

وأجاب الجمهور عن حديث: «لعل عرقًا نزعه ... » بأنه حجة عليهم؛ لأنَّ إنكار الرجل ولده لمخالفة لونه، وعزمه على نفيه لذلك يدل على أنَّ العادة خلافه، وأنَّ في طباع الناس إنكاره، وأنَّ ذلك إنما يوجد نادرًا، وإنما ألحقه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- به لوجود الفراش، وتجوز مخالفة الظاهر لدليل، ولا يجوز تركه من غير دليل، ولأنَّ ضعف الشبه عن نفي النسب لا يلزم منه ضعفه عن إثباته؛ فإنَّ النسب يحتاط لإثباته، ويثبت بأدنى دليل، ويلزم من ذلك التشديد في نفيه، وأنه لا ينتفي إلا بأقوى الأدلة، وكما أنَّ الحد لما انتفى بالشبهة لا يثبت إلا بأقوى دليل؛ فلا يلزم حينئذٍ من المنع من نفيه بالشبه في الخبر المذكور أن لا يثبت به النسب في مسألتنا.

وأما قولهم في ابن الملاعنة، وفي ابن أمة زمعة؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يعمل بالشبه بهما؛ لأنهما عورضا بما هو أقوى من الشبه، وهو الأيمان في ابن الملاعنة، والفراش في ابن أمة زمعة، وترك العمل بالبينة لمعارضة ما هو أقوى منها لا يوجب الإعراض عنها إذا خلت عن المعارض.


(١) سيأتي في «البلوغ» برقم (١١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>