وأقوى دليل للجمهور هو ما ذكره ابن القيم -رحمه الله- أنَّ قوله تعالى:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} في الآية أنه قيدٌ أُريد به أنها تأخذ الثلث بشرط انفرادهما بالميراث، فجعل قوله:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} شرطًا للانفراد، وبقي مع عدم الأولاد في حالة عدم الانفراد، ولا يكون إلا مع الزوجة، أو الزوج؛ فلها ثلث المال الباقي؛ لأنَّ الباقي بعد أخذ الزوج، أو الزوجة الفرض كالمال رأسًا. اهـ بمعناه.
وأما ابن رجب -رحمه الله- فقال: وقد يقال -وهو أحسن-: إن قوله {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}، أي: مما ورثه الأبوان، ولم يقل:(فلأمه الثلث مما ترك) كما في السدس، والمعنى: أنه إذا لم يكن له ولد، وكان لأبويه من ماله ميراث؛ فللأم ثلث ذلك الميراث الذي يختص به الأبوان، ويبقى الباقي للأب. وانظر بقية كلامه.
القول الثاني: أنَّ للأم الثلث كاملًا في المسألتين، صحَّ هذا القول عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهو قول شُريح، والظاهرية، واستدلوا بعموم قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}[النساء:١١]؛ فالآية عامة، سواء انفردا أم اجتمعا مع غيرهم.
وأجاب هؤلاء عن قوله {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} أنه لا يدل على الانفراد، بل هي عامة تشمل حالة الانفراد، وحالة عدم الانفراد، وقد سأل ابن عباس زيد بن ثابت: أتقوله برأيك؟ أم تجده في كتاب الله؟ قال زيد: أقول برأيي، ولا أفضل أُمًّا على أب. فلو كانت الآية تدل على ما قالوه؛ لاستدل بذلك زيد بن ثابت -رضي الله عنه-.