للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلوا بحديث الباب، وبحديث قيس بن عاصم عند أبي داود (٣٥٥)، والنسائي (١/ ١٠٩): أنه أسلم، فأمره النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يغتسل بماء وسدر، وقد صححه شيخنا -رحمه الله- في «الجامع الصحيح»، ورجَّح هذا القول، فبوب على الحديث: [باب الكافر إذا أسلم يغتسل]، وقد رجَّح هذا القول الشوكاني في «نيل الأوطار»، و «السيل الجرار»، ورجحه الإمام ابن عثيمين.

القول الثاني: استحباب الغسل؛ إلا إذا كان جُنُبًا، فيجب، وهو قول الشافعي -رحمه الله-، ورواية عن أحمد، رجَّحها بعض الحنابلة، منهم صاحب «الإنصاف»، واستدلوا على الاستحباب بالحديثين المتقدمين، وقالوا: الأمر فيهما للاستحباب؛ لأنَّ كثيرًا من الصحابة أسلموا ولم يأمرهم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالغسل.

وأما غسل الجنابة، وما شابهه، فيجب؛ لأنَّ الإسلام لا يرفع الحدث، وكما أنه يلزمه لرفع الحدث الأصغر الوضوء بلا خلاف، فكذلك يلزمه لرفع الحدث الأكبر الغسل.

القول الثالث: استحباب الغسل مطلقًا، وهو قول أبي حنيفة؛ لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:٣٨]، وقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «الإسلام يهدم ما كان قبله»، أخرجه مسلم (١٢١) عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-.

والراجح -والله أعلم- هو القول الأول؛ للأدلة المتقدمة، ولأنَّ الكافر لا يسلم غالبًا من جنابة تلحقه، وهو لا يغتسل، ولا يرتفع حدثه إذا اغتسل؛ لأنه ليس من أهل العبادات، والعبادة تحتاج إلى نية، ولا تصح من الكافر؛ فَأُقِيمت

<<  <  ج: ص:  >  >>