للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مظنَّة ذلك مقام حقيقته، كما أُقِيم النوم مقام الحدث، والتقاء الختانين مقام الإنزال.

وأما قول الشافعية: (أسلم جمعٌ كبير، ولم يأمرهم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالغسل)، فالجواب أنه لم يأمرهم جميعًا بالغسل؛ لأنه أصبح أمرًا مشهورًا عندهم، أنَّ من أسلم وجب عليه الغسل، وأمر بعض الأمة أمرٌ لجميعها.

قال الشوكاني -رحمه الله- في «السيل» (١/ ١٢٣) بعد أن ذكر الحديثين المتقدمين: والظاهر الوجوب، ولا وجه لما تمسك به من قال بعدم الوجوب من أنه لو كان واجبًا لأمر به النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من أسلم؛ لأَنَّا نقول: قد كان هذا في حكم المعلوم عندهم، ولهذا فإن ثمامة لما أراد الإسلام ذهب، فاغتسل، كما في «الصحيحين»، والحكم يثبت على الكل بأمر البعض، ومن لم يعلم الأمر بذلك لكل من أسلم لا يكون عدم علمه حجة له. انتهى.

قلتُ: واستدلال الشافعية على عدم الوجوب؛ لكون النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يأمر كثيرًا ممن أسلموا بالاغتسال ينقض قولهم في وجوبه على الجنب؛ لأنَّ كثيرًا ممن أسلموا كانوا بالغين، متزوجين، ولم يأمرهم بالغسل.

فإنْ قالوا: كان الاغتسال من الجنابة معلومًا لديهم.

قيل لهم: وكان أيضًا الاغتسال للإسلام معلومًا لديهم، والله أعلم.

وأما استدلال أبي حنيفة بالآية، والحديث، فقد قال النووي -رحمه الله- في «شرح المهذب» (٢/ ١٥٢ - ١٥٣): وأما الآية الكريمة، والحديث، فالمراد بهما غفران

<<  <  ج: ص:  >  >>