للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أول النهار؛ لما ثبت في «صحيح مسلم» (١) عن حمران مولى عثمان، أنَّ عثمان لم يكن يمضي عليه يوم حتى يفيض عليه الماء، وإنما لم يعتذر لعمر بذلك كما اعتذر عن التأخر؛ لأنه لم يتصل غسله بذهابه إلى الجمعة، وقد حكى ابن المنذر عن إسحاق بن راهويه أن قصة عمر، وعثمان تدل على وجوب الغسل، لا على عدم وجوبه، من جهة ترك عمر الخطبة، واشتغاله بمعاتبة عثمان، وتوبيخ مثله على رؤوس الناس، ولو كان الترك مباحًا؛ لما فعل ذلك عمر.

وأما استدلالهم بحديث عائشة، فلا يُسَلَّمُ لهم بأنها إذا زالت العلة زال الوجوب، كما حصل في السعي، والرمي، قال الشوكاني: وكم لهذا من نظائر، لو تتبعت؛ لجاءت في رسالة مستقلة.

وقال الحافظ -رحمه الله- في «الفتح»: وأُجيب عن حديث عائشة بأنه ليس فيه نفي الوجوب، وبأنه سابق على الأمر به، والإعلام بوجوبه.

قال الشوكاني -رحمه الله- في «النيل»: وبهذا تبين عدم انتهاض ما جاء به الجمهور من الأدلة على عدم الوجوب، وعدم إمكان الجمع بينها، وبين أحاديث الوجوب؛ لأنه، وإن أمكن بالنسبة إلى الأوامر لم يمكن بالنسبة إلى لفظ واجبٍ، وحقٍّ إلا بتعسف لا يلجئ طلب الجمع إلى مثله، ولا يشك من له أدنى إلمام بهذا الشأن أنَّ أحاديث الوجوب أرجح من الأحاديث القاضية بعدمها؛ لأنَّ أوضحها دلالة على ذلك حديث سمرة، وهو غير سالم من مقال، وأما بقية الأحاديث، فليس فيه إلا


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>