له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، انكحي أسامة» أخرجه مسلم (١٤٨٠)، فخطبها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بعد إخبارها إياه بخطبة معاوية، وأبي جهم لها.
قالوا: وفي تحريم خطبتها على هذا الوجه إضرار بها؛ فإنه لا يشاء أحد أن يمنع المرأة النكاح إلا منعها بخطبته إياها.
قال أبو عبد الله غفر اللهُ لهُ: أما إذا رُدَّ؛ فلا إشكال، وأما كونها لم تركن إليه، ومثله إذا لم يُعلم هل قُبِل أم رُدَّ؟ فلا يجوز الخطبة على خطبته؛ لظاهر الأحاديث.
وأما حديث فاطمة بنت قيس، فقال الحافظ: وأشار النووي وغيره إلى أنه لا حجة فيه؛ لاحتمال أن يكونا خطبا معًا، أو لم يعلم الثاني بخطبة الأول، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أشار بأسامة، ولم يخطب، وعلى تقدير أن يكون خطب، فكأنه لما ذكر لها ما في معاوية، وأبي جهم ظهر منها الرغبة عنهما، فخطبها لأسامة. اهـ
وممن نصَّ على أنه لا يجوز الخطبة إذا لم يحصل الرد مع عدم الركون أبو محمد بن حزم، والشوكاني، ثم الإمام ابن عثيمين رحمهم الله.
قال الشوكاني -رحمه الله-: فوقوع الخطبة مُقْتَضٍ لتحريم خطبة الآخر إلى هذه الغاية -حتى يترك الخاطب أو يأذن له- وبمجرد وقوع الخطبة الأولى يحصل التحريم، سواء علم الآخر بالرضى من المرأة أم لم يعلم، لكن إذا انتهى الحال إلى عدم وقوع الرضى منها، فتلك الخطبة كأنها لم تكن؛ لعروض مانع من ثبوتها، وهو عدم الرضى.