للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ؛ فَإِنّهُ حَرّمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ نِكَاحَ الزّانِي الْخَبِيثِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ نَسَبًا، وَلَا صِنَاعَةٌ، وَلَا غِنًى، وَلَا حُرّيّةً؛ فَجَوّزَ لِلْعَبْدِ الْقِنّ نِكَاحَ الْحُرّةِ النّسِيبَةِ الْغَنِيّةِ إذَا كَانَ عَفِيفًا مُسْلِمًا، وَجَوّزَ لِغَيْرِ الْقُرَشِيّينَ نِكَاحَ الْقُرَشِيّات، وَلِغَيْرِ الْهَاشِمِيّينَ نِكَاحَ الْهَاشِمِيّاتِ، وَلِلْفُقَرَاءِ نِكَاحَ الْمُوسِرَاتِ.

وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي أَوْصَافِ الْكَفَاءَةِ، فَقَالَ مَالِكٌ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ: إنّهَا الدِّين. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: إِنَّها ثَلَاثَة: الدِّيْنُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالسَّلَامَةُ مِنَ الْعُيُوبِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ النّسَبُ وَالدّينُ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: هِيَ الدّينُ وَالنّسَبُ خَاصّةً. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: هِيَ خَمْسَةٌ: الدّينُ، وَالنّسَبُ، وَالْحُرّيّةُ، وَالصّنَاعَةُ، وَالْمَالُ. وَإِذَا اُعْتُبِرَ فِيهَا النّسَبُ فَعَنْهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: أَنّ الْعَرَبَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ. الثّانِيَةُ: أَنّ قُرَيْشًا لَا يُكَافِئُهُمْ إلّا قُرَشِيّ، وَبَنُو هَاشِمٍ لَا يُكَافِئُهُمْ إلّا هَاشِمِيّ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الشّافِعِيّ: يُعْتَبَرُ فِيهَا الدّينُ، وَالنّسَبُ، وَالْحُرّيّةُ، وَالصّنَاعَةُ، وَالسّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُنَفّرَةِ. وَلَهُمْ فِي الْيَسَارِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: اعْتِبَارُهُ فِيهَا، وَإِلْغَاؤُهُ، وَاعْتِبَارُهُ فِي أَهْلِ الْمُدُنِ دُونَ أَهْلِ الْبَوَادِي، فَالْعَجَمِيّ لَيْسَ عِنْدَهُمْ كُفْئًا لِلْعَرَبِيّ، وَلَا غَيْرُ الْقُرَشِيّ لِلْقُرَشِيّةِ، وَلَا غَيْرُ الْهَاشِمِيّ لِلْهَاشِمِيّةِ، وَلَا غَيْرُ الْمُنْتَسِبَةِ إلَى الْعُلَمَاءِ وَالصّلَحَاءِ الْمَشْهُورِينَ كُفْئًا لِمَنْ لَيْسَ مُنْتَسِبًا إلَيْهِمَا، وَلَا الْعَبْدُ كُفْئًا لِلْحُرّةِ، وَلَا الْعَتِيقُ كُفْئًا لِحُرّةِ الْأَصْلِ، وَلَا مَنْ مَسّ الرّقّ أَحَدَ آبَائِهِ كُفْئًا لِمَنْ لَمْ يَمَسّهَا رِقّ وَلَا أَحَدًا مِنْ آبَائِهَا، وَفِي تَأْثِيرِ رِقّ الْأُمّهَاتِ وَجْهَانِ، وَلَا مَنْ بِهِ عَيْبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>