للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُثْبِتٌ لِلْفَسْخِ كُفْئًا لِلسّلِيمَةِ مِنْهُ؛ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْفَسْخُ، وَكَانَ مُنَفّرًا كَالْعَمَى، وَالْقَطْعِ، وَتَشْوِيهِ الْخِلْقَةِ، فَوَجْهَانِ. وَاخْتَارَ الرّويَانِيّ أَنّ صَاحِبَهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ، وَلَا الْحَجّامُ، وَالْحَائِكُ، وَالْحَارِسُ كُفْئًا لِبِنْتِ التّاجِرِ، وَالْخَيّاطِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَا المُحْتَرِفُ لِبِنْتِ الْعَالِمِ، وَلَا الْفَاسِقُ كُفْئًا لِلْعَفِيفَةِ، وَلَا الْمُبْتَدِعُ لِلسّنّيّةِ، وَلَكِنْ الْكَفَاءَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هِيَ حَقّ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ.

ثُمّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ أَصْحَابُ الشّافِعِيّ: هِيَ لِمَنْ لَهُ وِلَايَةٌ فِي الْحَالِ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: حَقّ لِجَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ، فَمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ؛ فَلَهُ الْفَسْخُ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: إنّهَا حَقّ الله، فَلَا يَصِحّ رِضَاهُمْ بِإِسْقَاطِهِ، وَلَكِنْ عَلَى هَذِهِ الرّوَايَةِ لَا تُعْتَبَرُ الْحُرّيّةُ، وَلَا الْيَسَارُ، وَلَا الصّنَاعَةُ، وَلَا النّسَبُ، إنّمَا يُعْتَبَرُ الدّينُ فَقَطْ؛ فَإِنّهُ لَمْ يَقُلْ أَحْمَدُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ العُلَمَاءِ إِنَّ نِكَاحَ الْفَقِيرِ لِلْمُوسِرَةِ بَاطِلٌ، وَإِنْ رَضِيَت، وَلَا يَقُولُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ: إنّ نِكَاحَ الْهَاشِمِيّةِ لِغَيْرِ الْهَاشِمِيّ، وَالْقُرَشِيّةِ لِغَيْرِ الْقُرَشِيّ بَاطِلٌ. وَإِنّمَا نَبّهْنَا عَلَى هَذَا؛ لِأَنّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَحْكُونَ الْخِلَافَ فِي الْكِفَاءَةِ: هَلْ هِيَ حَقّ لله أَوْ لِلْآدَمِيّ؟ وَيُطْلِقُونَ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنّ الْكَفَاءَةَ هِيَ الْخِصَالُ الْمَذْكُورَةُ. وَفِي هَذَا مِنْ التّسَاهُلِ وَعَدَمِ التّحْقِيقِ مَا فِيهِ. انتهى كلامه -رحمه الله- بنِصِّه.

وخلاصة ما تقدم: أنَّ الصحيح أنَّ المعتبر بالكفاءة هو الدين، أما أصلًا فمجمع عليه؛ فلا تزوج المسلمة بكافر، وأما كمالًا؛ فعامة أهل العلم على اعتباره إلا أنَّ محمد بن الحسن لم يعتبر الدين إلا أن يكون ممن يسكر، ويخرج، ويسخر

<<  <  ج: ص:  >  >>