• والقول الثاني في هذه المسألة من ذهب إلى أنه يقع واحدة رجعية، وهذا القول ثابت عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال به ابن إسحاق. قال ابن القيم: وهو قول طاوس، وعكرمة، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
ورجَّحه ابن القيم، ثم الشوكاني، والصنعاني، وقال به نفر يسير من أصحاب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد، وهو قول داود.
واستدل هؤلاء بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الذي ذُكر في الباب، وفي «صحيح مسلم» أيضًا من طريق طاوس أنَّ أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم إنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأبي بكر، وثلاثًا من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: نعم.
وعنده أيضًا بلفظ: ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأبي بكر واحدة؟ فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق، فأجازه عليهم.
واستدلوا أيضًا بحديث ابن عباس في طلاق ركانة امرأته ثلاثًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «هي واحدة»، وقالوا: هو طلاق بدعة، والبدعة مردودة:«من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد».
• وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يفرق بين المدخول بها وغيرها، فتقع الثلاث في المدخول بها، وأما غير المدخول بها فتقع واحدة، قال ابن القيم: هذا قول جماعة من أصحاب ابن عباس، وهو مذهب إسحاق بن راهويه فيما حكاه عنه