الْبَتّةَ. قَالُوا: وَنَحْنُ نُطَالِبُكُمْ بِمَا طَالَبْتُمْ بِهِ الظّاهِرِيّةَ: مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَ الشّافِعِيّ؟ قَالُوا: وَاَللهُ سُبْحَانَهُ أَوْجَبَ الْكَفّارَةَ بِالْعَوْدِ بِحَرْفِ (ثُمّ) الدّالّةِ عَلَى التّرَاخِي عَنْ الظّهَارِ، فَلَابُدّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْعَوْدِ وَبَيْنَ الظّهَارِ مُدّةٌ مُتَرَاخِيَةٌ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَكُمْ، وَبِمُجَرّدِ انْقِضَاءِ قَوْلِهِ (أَنْتَ عَلَيّ كَظَهْرِ أُمّي) صَارَ عَائِدًا مَا لَمْ يَصِلْهُ بِقَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ)، فَأَيْنَ التّرَاخِي وَالْمُهْلَةُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالظّهَارِ؟.اهـ
وأما قول الظاهرية:
فقال ابن القيم -رحمه الله- -في الرد عليهم-: نَظِيرُهَا -أي: آية الظهار- {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [المجادلة: ٨]، وَمَعَ هَذَا فَهَذِهِ الْآيَةُ تُبَيّنُ المُرَادَ مِنْ آيَةِ الظّهَارِ؛ فَإِنَّ عَوْدَهُمْ لِمَا نُهُوا عَنْهُ هُوَ رُجُوعُهُمْ إلَى نَفْسِ المَنْهِيّ عَنْهُ، وَهُوَ النّجْوَى، وَلَيْسَ المُرَادُ بِهِ إعَادَةَ تِلْكَ النّجْوَى بِعَيْنِهَا، بَلْ رُجُوعُهُمْ إلَى المَنْهِيّ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الظّهَارِ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة:٣]، أَيْ: لِقَوْلِهِمْ. فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى المَفْعُولِ، وَهُوَ تَحْرِيمُ الزّوْجَةِ بِتَشْبِيهِهَا بِالمُحَرّمَةِ؛ فَالْعَوْدُ إلَى المُحَرّمِ هُوَ الْعَوْدُ إلَيْهِ، وَهُوَ فِعْلُهُ، فَهَذَا مَأْخَذُ مَنْ قَالَ إنّهُ الْوَطْءُ.
قال: وَنُكْتَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنّ الْقَوْلَ فِي مَعْنَى المَقُولِ، وَالمَقُولُ هُوَ التّحْرِيمُ، وَالْعَوْدُ لَهُ هُوَ الْعَوْدُ إلَيْهِ، وَهُوَ اسْتِبَاحَتُهُ عَائِدًا إلَيْهِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى قَوَاعِدِ اللّغَةِ الْعَرَبِيّةِ وَاسْتِعْمَالِهَا.
قال: وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السّلَفِ أَنّهُ فَسّرَ الْآيَةَ بِإِعَادَةِ اللّفْظِ الْبَتّةَ، لَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute