لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ مِنْ كَانَتْ لِأَبٍ، ثُمَّ مَنْ كَانَتْ لِأُمٍّ، وَهَذَا صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِلْأُصُولِ وَالْقِيَاسِ، لَكِنْ إذَا ضُمَّ هَذَا إلَى قَوْلِهِمْ بِتَقْدِيمِ قَرَابَةِ الْأُمّ عَلَى قَرَابَةِ الْأَبِ؛ جَاءَ التّنَاقُضُ، وَتِلْكَ الْفُرُوعُ الْمُشْكِلَةُ الْمُتَنَاقِضَةُ. وَأَيْضًا فَقَدْ قَالُوا بِتَقْدِيمِ أُمّهَاتِ الْأَبِ وَالْجَدّ عَلَى الْخَالَاتِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأُمّ، وَهُوَ الصّوَابُ الْمُوَافِقُ لِأُصُولِ الشّرْعِ، لَكِنّهُ مُنَاقِضٌ لِتَقْدِيمِهِمْ أُمّهَاتِ الْأُمّ عَلَى أُمّهَاتِ الْأَبِ، وَيُنَاقِضُ تَقْدِيمَ الْخَالَةِ وَالْأُخْتِ لِلْأُمّ عَلَى الْأَبِ.
ثم قال: وَقَدْ ضَبَطَ هَذَا الْبَابَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيّةَ بِضَابِطِ آخَرَ، فَقَالَ: أَقْرَبُ مَا يُضْبَطُ بِهِ بَابُ الْحَضَانَةِ أَنْ يُقَالَ: لَمّا كَانَتْ الْحَضَانَةُ وِلَايَةً تَعْتَمِدُ الشّفَقَةَ، وَالتّرْبِيَةَ، وَالْمُلَاطَفَةَ؛ كَانَ أَحَقّ النّاسِ بِهَا أَقْوَمَهُمْ بِهَذِهِ الصّفَاتِ وَهُمْ أَقَارِبُهُ، يُقَدّمُ مِنْهُمْ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ، وَأَقْوَمُهُمْ بِصِفَاتِ الْحَضَانَةِ؛ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ فَصَاعِدًا؛ فَإِنْ اسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمْ؛ قُدّمَ الْأُنْثَى عَلَى الذّكَرِ، فَتُقَدّمُ الْأُمّ عَلَى الْأَبِ، وَالْجَدّةُ عَلَى الْجَدِّ، وَالْخَالَةُ عَلَى الْخَالِ، وَالْعَمّةُ عَلَى الْعَمّ، وَالْأُخْتُ عَلَى الْأَخِ؛ فَإِنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ، أَوْ أُنْثَيَيْنِ؛ قُدّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ، يَعْنِي مَعَ اسْتِوَاءِ دَرَجَتِهِمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَرَجَتُهُمَا مِنْ الطّفْلِ؛ فَإِنْ كَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ؛ قُدّمَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ، فَتُقَدّمُ الْأُخْتُ عَلَى ابْنَتِهَا، وَالْخَالَةُ عَلَى خَالَةِ الْأَبَوَيْنِ، وَخَالَةُ الْأَبَوَيْنِ عَلَى خَالَةِ الْجَدّ وَالْجَدّةِ، وَالْجَدّ أَبُو الْأُمّ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمّ، هَذَا هُوَ الصّحِيحُ؛ لِأَنّ جِهَةَ الْأُبُوّةِ وَالْأُمُومَةِ فِي الْحَضَانَةِ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ الْأُخُوّةِ فِيهَا. وَقِيلَ: يُقَدّمُ الْأَخُ لِلْأُمِّ؛ لِأَنّهُ أَقْوَى مِنْ أَبِ الْأُمّ فِي الْمِيرَاثِ. وَالْوَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد. وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: أَنّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute