للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على ذلك.

قال: فَإِنْ قِيلَ: الْخَالَةُ تُدْلِي بِالْأُمِّ، وَالْعَمّةُ تُدْلِي بِالْأَبِ، فَكَمَا قُدّمَتْ الْأُمّ عَلَى الْأَب؛ قُدّمَ مَنْ يُدْلِي بِهَا، وَيَزِيدُهُ بَيَانًا كَوْنُ الْخَالَةِ أُمًّا كَمَا قَالَ النّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَالْعَمّةُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ. قِيلَ: قَدْ بَيّنّا أَنّهُ لَمْ يُقَدّمْ الْأُمّ عَلَى الْأَبِ لِقُوّةِ الْأُمُومَةِ وَتَقْدِيمِ هَذِهِ الْجِهَةِ، بَلْ لِكَوْنِهَا أُنْثَى، فَإِذَا وُجِدَ عَمّةٌ وَخَالَةٌ؛ فَالْمَعْنَى الّذِي قُدّمَتْ لَهُ الْأُمّ مَوْجُودٌ فِيهِمَا، وَامْتَازَتْ الْعَمّةُ بِأَنّهَا تُدْلِي بِأَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ، وَهِيَ قُرَابَةُ الْأَبِ.

قال: وَالنّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِابْنَةِ حَمْزَةَ لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: «الْخَالَةُ أُمٌّ» حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُزَاحِمٌ مِنْ أَقَارِبِ الْأَبِ تُسَاوِيهَا فِي دَرَجَتِهَا.

ثم أورد ابن القيم على نفسه (صفية بنت عبد المطلب)؛ فإنها عمتها، وكانت موجودة، وأجاب عن ذلك بأنها كانت كبيرة السن قد جاوزت الخمسين في ذلك الحين، فلعلها لم تطالب بالحضانة لكبرها، فالحديث يدل على ما ذكروا لو ثبت أن صفية خاصمت في ابنة أخيها وطلبت كفالتها، فقدم رسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الخالة، وهذا لا سبيل إليه.

قال: وَمِمّا يُبَيّنُ صِحّةَ الْأَصْلِ الْمُتَقَدّمِ أَنّهُمْ قَالُوا: إذَا عَدِمَ الْأُمّهَاتِ وَمَنْ فِي جِهَتهنَّ؛ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ إلَى الْعَصَبَاتِ، وَقُدّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ، فَهَذَا جَارٍ عَلَى الْقِيَاسِ. فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلَّا رَاعَيْتُمْ هَذَا فِي جِنْسَ الْقَرَابَةِ، فَقَدّمْتُمْ الْقَرَابَةَ الْقَوِيّةَ الرّاجِحَةَ عَلَى الضّعِيفَةِ الْمَرْجُوحَةِ كَمَا فَعَلْتُمْ فِي الْعَصَبَاتِ؟ وَأَيْضًا فَإِنَّ الصَّحِيْحَ فِي الْأَخَوَاتِ عِنْدَكُم أَنَّهُ يُقَدَّم مِنْهُنَّ مَنْ كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>