للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء:٢٥].اهـ

والرجم لا يتنصف، وإيجابه كله يخالف النص مع مخالفة الإجماع المنعقد قبله، وقد وافق الأوزاعي على أنَّ العبد إذا وطئ الأمة، ثم عتق لم يصيرا محصنين، وهو قول الجمهور.

الخامس والسادس: البلوغ والعقل.

فلو وطئ وهو صبي، أو مجنون، ثم بلغ، أو عقل؛ لم يكن محصنًا. هذا قول أكثر أهل العلم، وهو مذهب الشافعي، ونُقل عن بعض أصحابه أنه قال: يصير محصنًا، وكذلك العبد إذا وطِئَ في رِقِّه ثم عَتَقَ يصير محصنًا؛ لأنه وطء يحصل به الإحلال للمطلق ثلاثًا؛ فيحصل به الإحصان أيضًا.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١٢/ ٣١٤ - ٣١٦): وَلَنَا قَوْلُهُ -عليه السلام-: «وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ»، فَاعْتَبَرَ الثُّيُوبَةَ خَاصَّةً، وَلَوْ كَانَتْ تَحْصُلُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَيُفَارِقُ الْإِحْصَانُ الْإِحْلَالَ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الْمُطَلِّقِ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُقُوبَةً لَهُ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَأْبَاهُ الطِّبَاعُ وَيَشُقُّ عَلَى النُّفُوسِ، فَاعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ زَجْرًا عَنْ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا، وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْعَاقِلُ وَالْمَجْنُونُ، بِخِلَافِ الْإِحْصَانِ؛ فَإِنَّهُ اُعْتُبِرَ لِكَمَالِ النِّعْمَةِ فِي حَقِّهِ؛ فَإِنْ مَنْ كَمَلَتْ النِّعْمَةُ فِي حَقِّهِ، كَانَتْ جِنَايَتُهُ أَفْحَشَ وَأَحَقَّ بِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ، وَالنِّعْمَةُ فِي الْعَاقِلِ الْبَالِغِ أَكْمَلُ. اهـ (١)


(١) وانظر: «البيان» (١٢/ ٣٥٣ - ٣٥٥) «السيل» (ص ٨٤٦) «الشرح الممتع».

<<  <  ج: ص:  >  >>