بِابْنِ النُّعَيْمَانِ شَارِبًا، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ كَانَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ. قَالَ: فَضَرَبُوهُ، فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ بِالنِّعَالِ.
وفي «الصحيحين» عَنْ عَلِيًّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ، فَيَمُوتَ فَأَجِدَ فِي نَفْسِي إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسُنَّهُ. (١)
وفي «البخاري» (٦٧٧٩) عَنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيد -رضي الله عنه- قَالَ: كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا، وَنِعَالِنَا، وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا؛ جَلَدَ ثَمَانِينَ.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في «الفتح» (٦٧٧٩): وَالْجَوَاب: أَنَّ الْإِجْمَاع اِنْعَقَدَ بَعْد ذَلِكَ عَلَى وُجُوب الْحَدّ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْر تَحَرَّى مَا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ السَّكْرَانَ؛ فَصَيَّرَهُ حَدًّا، وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا اِسْتَمَرَّ مَنْ بَعْدَهُ، وَإِنْ اِخْتَلَفُوا فِي الْعَدَد.
قال: وَجَمَعَ الْقُرْطُبِيّ بَيْن الْأَخْبَار بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَوَّلًا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ حَدٌّ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ حَدِيثُ اِبْن عَبَّاس فِي الَّذِي اِسْتَجَارَ بِالْعَبَّاسِ، ثُمَّ شُرِعَ فِيهِ التَّعْزِيرُ عَلَى مَا فِي سَائِر الْأَحَادِيث الَّتِي لَا تَقْدِيرَ فِيهَا، ثُمَّ شُرِعَ الْحَدُّ، وَلَمْ يَطَّلِعْ أَكْثَرُهُمْ عَلَى تَعْيِينِهِ صَرِيحًا مَعَ اِعْتِقَادهمْ أَنَّ فِيهِ الْحَدَّ الْمُعَيَّنَ، وَمِنْ ثَمَّ تَوَخَّى أَبُو
(١) سيأتي في «البلوغ» برقم (١٢٥٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute