للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله: دَعْوَة الله إِلَى الْإِسْلَام.

قال: وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد: أَنَّهُ لَا يَكُون فِي سَبِيل الله إِلَّا مَنْ كَانَ سَبَب قِتَاله طَلَب إِعْلَاء كَلِمَة الله فَقَطْ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ سَبَبًا مِنْ الْأَسْبَاب الْمَذْكُورَة؛ أَخَلَّ بِذَلِكَ، وَيَحْتَمِل أَنْ لَا يُخِلّ إِذَا حَصَلَ ضِمْنًا لَا أَصْلًا وَمَقْصُودًا، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الطَّبَرِيُّ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ أَصْل الْبَاعِث هُوَ الْأَوَّل لَا يَضُرّهُ مَا عَرَضَ لَهُ بَعْد ذَلِكَ. وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُور، لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ (١)، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ بِإِسْنَادٍ جَيِّد قَالَ: جَاءَ رَجُل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِس الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ، مَاله؟ قَالَ: «لَا شَيْء لَهُ»، فَأَعَادَهَا ثَلَاثًا كُلّ ذَلِكَ يَقُول: «لَا شَيْء لَهُ»، ثُمَّ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الله لَا يَقْبَل مِنْ الْعَمَل إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهه».

قال: وَيُمْكِن أَنْ يُحْمَل هَذَا عَلَى مَنْ قَصَدَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا عَلَى حَدّ وَاحِد، فَلَا يُخَالِف الْمُرَجَّح أَوَّلًا، فَتَصِير الْمَرَاتِب خَمْسًا: أَنْ يَقْصِد الشَّيْئَيْنِ مَعًا، أَوْ يَقْصِد أَحَدهمَا صِرْفًا، أَوْ يَقْصِد أَحَدهمَا وَيَحْصُل الْآخَر ضِمْنًا، فَالمَحْذُور أَنْ يَقْصِد غَيْر الْإِعْلَاء، فَقَدْ يَحْصُل الْإِعْلَاء ضِمْنًا، وَقَدْ لَا يَحْصُل وَيَدْخُل تَحْته مَرْتَبَتَانِ، وَهَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيث أَبِي مُوسَى، وَدُونه أَنْ يَقْصِدهُمَا مَعًا؛ فَهُوَ مَحْذُور أَيْضًا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ، وَالمَطْلُوب أَنْ يَقْصِد الْإِعْلَاء صِرْفًا، وَقَدْ يَحْصُل غَيْر الْإِعْلَاء وَقَدْ لَا يَحْصُل، فَفِيهِ مَرْتَبَتَانِ أَيْضًا، قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة: ذَهَبَ المُحَقِّقُونَ


(١) لم يخرجه أبو داود، وأخرجه النسائي برقم (٣١٤٠) بإسناد حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>