للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْبَاعِث الْأَوَّل قَصْد إِعْلَاء كَلِمَة الله؛ لَمْ يَضُرّهُ مَا اِنْضَافَ إِلَيْهِ. اهـ

قال: وَيَدُلّ عَلَى أَنَّ دُخُول غَيْر الْإِعْلَاء ضِمْنًا لَا يَقْدَح فِي الْإِعْلَاء إِذَا كَانَ الْإِعْلَاء هُوَ الْبَاعِث الْأَصْلِيّ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَن عَنْ عَبْدالله بْن حَوَالَة قَالَ: بَعَثَنَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَقْدَامنَا لِنَغْنَم، فَرَجَعْنَا وَلَمْ نَغْنَم شَيْئًا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ لَا تَكِلهُمْ إِلَيَّ». (١) انتهى المراد.

قال الصنعاني -رحمه الله- في «سبل السلام» مُعَلِّقًا على حديث أبي أمامة: وَلَعَلَّ بُطْلَانَهُ هُنَا لِخُصُوصِيَّةِ طَلَبِ الذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ انْقَلَبَ عَمَلُهُ لِلرِّيَاءِ، وَالرِّيَاءُ مُبْطِلٌ لِمَا يُشَارِكُهُ، بِخِلَافِ طَلَبِ المَغْنَمِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي الْجِهَادَ، بَلْ إذَا قَصَدَ بِأَخْذِ المَغْنَمِ إغَاظَةَ المُشْرِكِينَ وَالِانْتِفَاعَ بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ؛ كَانَ لَهُ أَجْرٌ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة:١٢٠]، وَالمُرَادُ النَّيْلُ الْمَأْذُونُ فِيهِ شَرْعًا، وَفِي قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا؛ فَلَهُ سَلَبُهُ» قَبْلَ الْقِتَالِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَافِي قَصْدُ المَغْنَمِ الْقِتَالَ، بَلْ مَا قَالَهُ إلَّا لِيَجْتَهِدَ السَّامِعُ فِي قِتَالِ المُشْرِكِينَ، وَفِي «الْبُخَارِيِّ» مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «انْتَدَبَ اللهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إلَّا إيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرَسُولِي أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ، أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ» (٢)،

وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَخْبَارَ هَذِهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَشْرِيكِ النِّيَّةِ؛ إذْ الْإِخْبَارُ بِهِ يَقْتَضِي ذَلِكَ غَالِبًا؛ ثُمَّ إنَّهُ يُقْصَدُ المُشْرِكُونَ لِمُجَرَّدِ نَهْبِ


(١) أخرجه أبو داود برقم (٢٥٣٥)، وأحمد (٥/ ٢٨٨) بإسناد حسن.
(٢) أخرجه البخاري برقم (٣١٢٣)، وكذلك مسلم برقم (١٨٧٦) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>