للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَمْوَالِهِمْ كَمَا خَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْ مَعَهُ فِي غَزَاةِ بَدْرٍ لِأَخْذِ عِيرِ المُشْرِكِينَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا، بَلْ ذَلِكَ مِنْ إعْلَاءِ كَلِمَةِ الله تَعَالَى؛ وَأَقَرَّهُمْ اللهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ، بَلْ قَالَ تَعَالَى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال:٧]، وَلَمْ يَذُمَّهُمْ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ فِي هَذَا الْإِخْبَارِ إخْبَارًا لَهُمْ بِمَحَبَّتِهِمْ لِلْمَالِ دُونَ الْقِتَالِ، فَإِعْلَاءُ كَلِمَةِ الله يَدْخُلُ فِيهِ إخَافَةُ المُشْرِكِينَ، وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، وَقَطْعُ أَشْجَارِهِمْ وَنَحْوِهِ.

قال: وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد (١) أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ الله، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ الله، وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: «لَا أَجْرَ لَهُ»، فَأَعَادَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لَا أَجْرَ لَهُ»؛ فَكَأَنَّهُ فَهِمَ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الْحَامِلَ هُوَ الْعَرَضُ مِنْ الدُّنْيَا، فَأَجَابَهُ بِمَا أَجَابَ وَإِلَّا فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَشْرِيكُ الْجِهَادِ بِطَلَبِ الْغَنِيمَةِ أَمْرًا مَعْرُوفًا فِي الصَّحَابَةِ؛ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ عَبْدَالله بْنَ جَحْشٍ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي رَجُلًا شَدِيدًا أُقَاتِلُهُ وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ اُرْزُقْنِي عَلَيْهِ الصَّبْرَ حَتَّى أَقْتُلَهُ وَآخُذَ سَلَبَهُ. (٢) فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ طَلَبَ الْعَرَضِ مِنْ الدُّنْيَا مَعَ الْجِهَادِ كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا جَوَازُهُ لِلصَّحَابَةِ، فَيَدْعُونَ اللهَ بِنَيْلِهِ. اهـ

قلتُ: وَمِنَ الأدلةِ على جواز تشريك قصد المغنم حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في


(١) أخرجه أبو داود (٢٥١٦)، وفي إسناده رجل مبهم.
(٢) أخرجه الحاكم (٢/ ٧٦)، والبيهقي (٦/ ٣٠٧)، من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- بإسناد حسن، ولكن الدعوة المذكورة إنما هي دعوة سعد، وأما ابن جحش فله دعوة أخرى كما في المصدرين السابقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>