للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:٨ - ١٠].

وأخرج أبو عبيد في كتابه «الأموال» (ص ٣٠٥) بإسناد صحيح عن عمر -رضي الله عنه-، أنه قرأ الآيات السابقة، ثم قال: استوعبت هذه الآية الناس، فلم يبق أحد من المسلمين إلا له حقٌّ فيها، أو حظٌّ، إلا بعض من تملكون من أرقائكم، وإن عشت إن شاء الله؛ لَيُؤْتَيَنَّ كل مسلم حقه، أو قال: حظه، حتى يأتي الراعي بسرو حمير لم يعرق فيه جبينه. اهـ

قال ابن القيم -رحمه الله- في «زاد المعاد» (٥/ ٨٥ - ٨٦) بعد أن ذكر الآيات السابقة: فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنّ مَا أَفَاءَ عَلَى رَسُولِهِ بِجُمْلَتِهِ لِمَنْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، وَلَمْ يَخُصّ مِنْهُ خُمُسَهُ بِالْمَذْكُورِينَ، بَلْ عَمّمَ وَأَطْلَقَ وَاسْتَوْعَبَ، وَيُصْرَفُ عَلَى الْمَصَارِفِ الْخَاصّةِ، وَهُمْ: أَهْلُ الْخُمُسِ، ثُمّ عَلَى الْمَصَارِفِ الْعَامّةِ وَهُمْ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأَتْبَاعُهُمْ إلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، فَاَلّذِي عَمِلَ بِهِ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ الرّاشِدُونَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ -رضي الله عنه- فِيمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ -رحمه الله- وَغَيْرُهُ عَنْهُ: مَا أَحَدٌ أَحَقّ بِهَذَا الْمَالِ مِنْ أَحَدٍ، وَمَا أَنَا أَحَقّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ، وَاَلله مَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ إلّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبٌ، إلّا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، وَلَكِنّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ الله، وَقَسَمِنَا مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَالرّجُلُ وَبَلَاؤُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالرّجُلُ وَقِدَمُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالرّجُلُ وَغِنَاؤُهُ (١) فِي الْإِسْلَامِ، وَالرّجُلُ وَحَاجَتُهُ، وَوَالله لَئِنْ بَقِيَتْ لَهُمْ لَيَأْتِيَنّ الرّاعِيَ بِجَبَلِ صَنْعَاءَ حَظّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ


(١) الغَنَاء: بمعنى النفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>