وَهُوَ يَرْعَى مَكَانَهُ. (١)
فَهَؤُلَاءِ الْمُسَمّوْنَ فِي آيَةِ الْفَيْءِ هُمْ الْمُسَمّوْنَ فِي آيَةِ الْخُمُسِ، وَلَمْ يَدْخُلْ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأَتْبَاعُهُمْ فِي آيَةِ الْخُمُسِ؛ لِأَنّهُمْ الْمُسْتَحَقّونَ لِجُمْلَةِ الْفَيْءِ، وَأَهْلُ الْخُمُسِ لَهُمْ اسْتِحْقَاقَانِ: اسْتِحْقَاقٌ خَاصّ مِنْ الْخُمُسِ، وَاسْتِحْقَاقٌ عَامّ مِنْ جُمْلَةِ الْفَيْءِ؛ فَإِنّهُمْ دَاخِلُونَ فِي النّصِيبَيْنِ.
قال: وَكَمَا أَنّ قِسْمَتَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَيْءِ بَيْنَ مَنْ جُعِلَ لَهُ لَيْسَ قِسْمَةَ الْأَمْلَاكِ الّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمَالِكُونَ كَقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ، وَالْوَصَايَا، وَالْأَمْلَاكِ الْمُطْلَقَةِ، بَلْ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ، وَالنّفْعِ، وَالْغِنَاءِ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْبَلَاءِ فِيهِ، فَكَذَلِكَ قِسْمَةُ الْخُمُسِ فِي أَهْلِهِ؛ فَإِنّ مَخْرَجَهُمَا وَاحِدٌ فِي كِتَابِ الله وَالتّنْصِيصُ عَلَى الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ يُفِيدُ تَحْقِيقَ إدْخَالِهِمْ، وَأَنّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ بِحَالٍ، وَأَنّ الْخُمُسَ لَا يَعْدُوهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ، كَأَصْنَافِ الزّكَاةِ لَا تَعْدُوهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ، كَمَا أَنّ الْفَيْءَ الْعَامّ فِي آيَةِ الْحَشْرِ لِلْمَذْكُورِينَ فِيهَا لَا يَتَعَدّاهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ؛ وَلِهَذَا أَفْتَى أَئِمّةُ الْإِسْلَامِ كَمَالِكٍ، وَالْإِمَام أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا أَنّ الرّافِضَةَ لَا حَقّ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ؛ لِأَنّهُمْ لَيْسُوا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، وَلَا مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَا مِنْ الّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الّذِي سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَاخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيّةَ، وَعَلَيْهِ يَدُلّ الْقُرْآنُ، وَفِعْلُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَخُلَفَائِهِ الرّاشِدِينَ. اهـ
(١) أخرجه أحمد (٢٩٢)، وأبو داود (٢٩٥٠)، ولم يخرج أبو داود قوله: «ووالله، لئن بقيت ... »، وإسناده حسن؛ لولا عنعنة ابن إسحاق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute