يحرم أحد منهم ما كرهته العرب، ولم يبح كل ما أكلته العرب، وقوله تعالى:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}[الأعراف:١٥٧] إخبار عنه أنه سيفعل ذلك، فأحل النبي - صلى الله عليه وسلم - الطيبات وحرم الخبائث، مثل: كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير؛ فإنها عادية باغية، فإذا أكلها الناس، والغاذي شبيه بالمغتذي؛ صار في أخلاقهم شوب من أخلاق هذه البهائم، وهو البغي والعدوان، كما حرم الدم المسفوح؛ لأنه مجمع قوى النَّفْس الشهوية الغضبية، وزيادته توجب طغيان هذه القوى.
قال: فالطيبات التي أباحها هي المطاعم النافعة للعقول والأخلاق، والخبائث هي الضارة للعقول والأخلاق. انتهى المراد.
وقال -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»(٢١/ ٥٤٠): وهذا الوصف يعني ما كان نافعًا غير ضار فهو مباح قد دلَّ على تعلق الحكم به النص، وهو قوله:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}، فكل ما نفع؛ فهو طيب، وكل ما ضرَّ؛ فهو خبيث، والمناسبة الواضحة لكل ذي لب أنَّ النفع يناسب التحليل، والضرر يناسب التحريم. اهـ
فالصحيح في هذه المسألة أنَّ الاستخباث ليس إلى النفوس، وإنما ما عُلِم ضرره؛ حُرِّم وكان خبيثًا، والله أعلم. (١)