للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويدل على ذلك أيضًا حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- في «صحيح مسلم» (٦٨١) أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى»، وقد استدل من قال بأنَّ وقت الظهر يمتد إلى آخر وقت العصر، بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جمع بين الظهر، والعصر من غير خوف، ولا مطر.

والجواب عنه: أنَّ هذه رخصة لمن احتاج إلى ذلك، ففي الحديث نفسه: قيل لابن عباس: ما حمله على ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته. (١)

وأما استدلال أبي حنيفة؛ فقد أجاب عنه ابن القيم -رحمه الله- في «أعلام الموقعين» (٢/ ٣٨٥)، فقال: وَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ، أَيُّ دَلَالَةٍ فِي هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ حَتَّى يَصِيرَ الظِّلُّ مِثْلَيْنِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الدَّلَالَةِ؟ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أَقْصَرُ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، وَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ. اهـ

وقال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٢/ ١٤): وَمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ. وَفِعْلُهَا يَكُونُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَتَكَامُلِ الشُّرُوطِ، عَلَى أَنَّ أَحَادِيثَنَا قُصِدَ بِهَا بَيَانُ الْوَقْتِ، وَخَبَرُهُمْ قُصِدَ بِهِ ضَرْبُ المَثَلِ، فَالْأَخْذُ بِأَحَادِيثِنَا أَوْلَى، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ هَذَا الْآثَارَ، وَالنَّاسَ، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ. اهـ. (٢)


(١) أخرجه البخاري برقم (٥٤٣)، ومسلم برقم (٧٠٥) من حديث عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-، واللفظ لمسلم.
(٢) وانظر: «المجموع» (٣/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>