يخلى، وسكوته من الخصمين، والمدعى عليه من لا يخلَّى وسكوته منهما. ومنهم من قال: المدعي من يطلب أمرًا خفيًّا على خلاف الأصل والظاهر، والمدعى عليه بخلافه.
قلتُ: التفسير الأول قال فيه ابن حجر -رحمه الله- في «الفتح»: هذا أسلم، والثاني أشهر. اهـ
والقول الثاني عزاه الشوكاني للأكثر في «السيل الجرار»(٧٤٦).
ثم قال ابن رجب -رحمه الله-: وقد اختلف الفقهاء في هذا الباب على قولين: أحدهما: أن البينة على المدعي أبدًا، واليمين على المدعَى عليه أبدًا، وهو قول أبي حنيفة، ووافقه طائفة من الفقهاء والمحدثين، كالبخارى، وطردوا ذلك في كل دعوى حتى في القسامة، وقالوا: لا يحلف إلا المدَّعَى عليه. ورأوا أن لا يُقْضَى بشاهد ولا يمين؛ لأن اليمين لا تكون إلا على المدَّعى عليه.
قال: واستدلوا في مسألة القسامة بما روى سعيد بن عبيد حدثنا بشير بن يسار الأنصاري عن سهل بن أبي حثمة، وفيه:«تأتوني بالبينة على من قتله» قالوا: ما لنا من بينة. قال:«فيحلفون» قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود. أخرجاه في «الصحيحين».
قال: وقد ذكر الأئمة الحفاظ أن رواية يحيى بن سعيد أصح من رواية سعيد ابن عبيد الطائي؛ فإنه أجل وأحفظ وأعلم، وهو من أهل المدينة، وهو أعلم