فأخذ بعض أهل العلم من هذه الآثار أنَّ التثويب في الأذان الأول من أذاني الفجر، وذهب إلى هذا الصنعاني، وابن رسلان، والإمام الألباني.
وأما استدلال بعضهم لكونه في الأذان الثاني بحديث نُعيم بن النَّحَّام عند البيهقي (١/ ٤٢٣)، قال: كنت مع امرأتي في مرطها في غداة باردة، فنادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى صلاة الصبح، فلما سمعت، قلت: لو قال: (ومن قعد فلا حرج)، قال: فلما قال: الصلاة خير من النوم، قال: ومن قعد فلا حرج. فلا يستقيم؛ لأنَّ إسناده منقطع؛ فإنَّ محمد بن إبراهيم التيمي لم يدرك نعيم بن النحام كما يُعلم ذلك من تاريخ وفاة نعيم، وولادة محمد بن إبراهيم.
وقد صحَّ حديث نعيم بن النحام من وجه آخر أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني»(٢/ ٦٧)، والحاكم (٣/ ٢٥٩) بإسناد صحيح بلفظ: أذَّنَ مؤذن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في ليلة فيها برد، وأنا تحت لحافي، فتمنيت أن يلقي الله على لسانه (ولا حرج)، فقال: ولا حرج. (١) فهذا اللفظ هو المحفوظ، وليس فيه موضع الشاهد.
قال أبو عبد الله غفر الله له: أصح حديث في هذا الباب حديث أنس -رضي الله عنه- الذي في الكتاب:«من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر: حي على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم».
وظاهر هذا الحديث أنَّ المراد به الأذان الثاني؛ لأنه أضاف الأذان إلى الفجر، والأذان الأول أضافه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى الليل بقوله:«إنَّ بلالًا يؤذن بليل ... »
(١) وصححه شيخنا الوادعي -رحمه الله- في «الصحيح المسند» (١١٦٢).