وقد أُجيب عن هذين الحديثين: بأنه لم يذكر فيهما أنهم لم يصلوا؛ فلا يصلح أن تُصرف الأوامر المتقدمة لأمر محتمل.
واستدل الجمهور على الاستحباب بحديث:«خمسُ صلوات في اليوم والليلة»، قال: هل عليَّ غيرها؟ قال:«لا؛ إلا أن تطوع».
وأُجيب عنه: بأنه كان في أول التشريع؛ فإنه قد حصل مأمورات، وواجبات شرعية غير الأمور المذكورة في هذا الحديث.
وأُجيب بجواب آخر، وهو: أنَّ الحديث إنما يدل على عدم وجوب صلاة أخرى في يومه وليلته تتكرر عليه بدون أي سبب، وأما إذا كان هناك سببٌ؛ فليس في الحديث ما ينفيه، كصلاة الجنازة، وصلاة العيدين، وصلاة الكسوف، وصلاة النذر على قول بعض أهل العلم في بعضها.
واستدل الجمهور على الاستحباب بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، أنه دخل المسجد، فاحتبى، ولم يصل ركعتين، لكن قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: وهذا الحديث غريب جدًّا، ورَفْعُهُ عجيب، ولعله موقوفٌ، والله أعلم.
قلتُ: القول بالوجوب أقرب، وهو قول شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله وعفا عنه، ثم ظهر لي أنَّ القول بالاستحباب أقرب؛ لما تقدم ذكره من الأدلة، ولأن في إجماعهم على أنه لا يلزم من دخل المسجد محدثًا أن يذهب ويتوضأ دليلًا على عدم الوجوب.