الْعَذابِ. أي فعليهن نصف ما على الحرائر من الحد. يعني خمسين جلدة. فقوله:
نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ. يدل على أن المراد بالعذاب هنا الجلد لا الرجم؛ لأن الرجم لا يتنصف، وأن المحصنات هنا: الحرائر اللاتي لم يزوجن، ودل على أن الإماء لا يرجمن في الزنا ولو تزوجن. ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ. أي: نكاح الإماء رخصة لمن خاف الإثم الذي تؤدي إليه غلبة الشهوة، وأصل العنت: انكسار العظم بعد الجبر. فاستعير لكل مشقة وضرر، ولا ضرر أعظم من مواقعة الإثم. وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ. أي: وصبركم عن نكاح الإماء متعففين خير لكم، لأن فيه إرقاق الولد. ولأنها (أي الأمة) خراجة ولاجة ممتهنة مبتذلة، وذلك كله نقصان يرجع إلى الناكح ومهانة، والعزة من صفات المؤمنين. وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ: غفور يستر المحظور، رحيم يرفع عنكم ما فيه مشقة عليكم.
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ.
أي: يريد الله أن يبين لكم ما هو خفي عليكم من مصالحكم وأفضل أعمالكم، وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. أي: وأن يهديكم مناهج من كان قبلكم من الأنبياء، والصالحين، والطرق التي سلكوها في دينهم لتقتدوا بهم. وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ. أي: ويوفقكم للتوبة عما كنتم عليه من الخلاف. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ: عليم بمصالح عباده، حكيم
فيما شرع لهم.
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ. هذا تأكيد لما سبق. كرره لذكر ما يقابله. وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ. من الكفرة والفجرة. أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً. أي: أن تميلوا عن القصد إلى الجور، وعن الحق إلى الباطل. والميل: الانحراف. ولا انحراف أعظم من موافقة أهل الباطل والفجور، ومساعدتهم على اتباع الشهوات.
يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ: في شرائعه، وأوامره، ونواهيه ومن ذلك ما أباحه لكم من إحلال نكاح الأمة وغيره من الرخص. وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً. أي: أمام الشهوات، لا يصبر عن الشهوات وعلى مشاق الطاعات، ومن ثم خفف الله عليه بما يناسب ضعفه، وهو في سياقه يفيد ضعفه في أمر النساء، ومن ثم وسع عليه في شأنهن، قال وكيع في ذلك: يذهب عقله عندهن.
[فائدة]
بمناسبة قوله تعالى: فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ. يبحث المفسرون موضوع: هل تجلد الأمة إذا زنت قبل