للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده دون الأبواب.

ثم إنه متى فتح الله أبواب رحمته فلا ممسك لها. ومتى أمسكها فلا مرسل لها.

ومن ثمّ فلا مخافة من أحد. ولا رجاء في أحد. ولا مخافة من شئ، ولا رجاء في شئ. ولا خوف من فوت وسيلة، ولا رجاء مع الوسيلة. إنما هي مشيئة الله.

ما يفتح الله فلا ممسك. وما يمسك الله فلا مرسل. والأمر مباشرة إلى الله .. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .. يقدر بلا معقب على الإرسال والإمساك. ويرسل ويمسك وفق حكمة تكمن وراء الإرسال والإمساك.

ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها.

وما بين الناس ورحمة الله إلا أن يطلبوها مباشرة منه، بلا وساطة وبلا وسيلة إلا التوجه إليه في طاعة وفي رجاء وفي ثقة وفي استسلام.

وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ .. فلا رجاء في أحد من خلقه، ولا خوف لأحد من خلقه. فما أحد بمرسل من رحمة الله ما أمسكه الله.

أية طمأنينة؟ وأي قرار؟ وأي وضوح في التصورات والمشاعر والقيم والموازين تقره هذه الآية في الضمير.

آية واحدة ترسم للحياة صورة جديدة؛ وتنشئ في الشعور قيما لهذه الحياة ثابتة؛ وموازين لا تهتز ولا تتأرجح ولا تتأثر بالمؤثرات كلها. ذهبت أم جاءت. كبرت أم صغرت. جلّت أم هانت. كان مصدرها الناس أو الأحداث أو الأشياء!

صورة واحدة لو استقرت في قلب إنسان لصمد كالطود للأحداث والأشياء والأشخاص والقوى والقيم والاعتبارات. ولو تضافر عليها الإنس والجن. وهم لا يفتحون رحمة الله حين يمسكها، ولا يمسكونها حين يفتحها .. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

[فوائد]

١ - [حول قوله تعالى فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ومعنى كلمة (فاطر)]

بمناسبة قوله تعالى: فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ذكر ابن كثير رواية سفيان الثوري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما لصاحبه: أنا فطرتها أي

<<  <  ج: ص:  >  >>