وهكذا عرضت السورة قصة أمة ورسول، فكانت نموذجا على أمة ترفض الإنذار، ورسول قام بكامل جهده في الإنذار، ورأينا خلال ذلك دروسا كثيرة في الإنذار وأساليبه ومضامينه، وقد رأينا أثناء عرضنا للسورة سياقها الخاص وصلتها بمحورها ومضامينه.
[الفوائد]
١ - عند قوله تعالى: وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قال ابن كثير: (أي:
يمد في أعماركم ويدرأ عنكم العذاب الذي إن لم تجتنبوا ما نهاكم عنه أوقعه بكم. وقد يستدل بهذه الآية من يقول إن الطاعة والبر وصلة الرحم يزاد بها في العمر حقيقة كما ورد به الحديث:«صلة الرحم تزيد في العمر»).
٢ - بمناسبة قوله تعالى: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً قال ابن كثير: (ولهذا تستحب قراءة هذه السورة في صلاة الاستسقاء لأجل هذه الآية.
وهكذا روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صعد المنبر ليستسقي، فلم يزد على الاستغفار وقراءة الآيات في الاستغفار ومنها هذه الآية فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ثم قال:«لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر»)، وقال النسفي:(وعن الحسن أن رجلا شكا إليه الجدب فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له الربيع بن صبيح: أتاك رجال يشكون أبوابا فأمرتهم كلهم بالاستغفار؟ فتلا الآيات)، وقال الألوسي:(قال قتادة: كانوا أهل حب للدنيا فاستدعاهم إلى الآخرة من الطريق التي يحبونها) أقول:
وفي ذلك درس من دروس الدعوة.
٣ - بمناسبة قوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً* وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً قال الألوسي: (أي: خلقكم مدرجا لكم في حالات: عناصر، ثم أغذية، ثم أخلاطا، ثم نطفا، ثم علقا، ثم مضغا، ثم عظاما ولحوما، ثم خلقا آخر، فإن التقصير في توقير من هذا شأنه في القدرة القاهرة والإحسان التام مع العلم