٨ - ذكر ابن كثير بمناسبة قوله تعالى: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ الحديث الصحيح عن أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات فقال: «إن الله لا ينام. ولا ينبغي عليه أن ينام. يخفض القسط ويرفعه. يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل، وعمل الليل قبل عمل النهار. حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه».
ثم ذكر ابن كثير روايات إسرائيلية، نبه عليها. وبعضها منسوب كذبا لرسولنا صلى الله عليه وسلم. من هذه الروايات ما فيه سؤال من موسى للملائكة:(هل ينام الله)؟. قال ابن كثير: وهو من أخبار بني إسرائيل. وهو مما يعلم أن موسى عليه السلام لا يخفى عليه مثل هذا من أمر الله عزّ وجل. فإنه منزه عنه. والذي نقوله بهذه المناسبة: إن الروايات عن بني إسرائيل فيها من سوء الأدب مع الله ورسله الكثير، وفيها من الجهل بالله ورسله الكثير. فإذا ما أردنا أن ننقل، فلننقل مع البيان الناصع، والرد القاطع، أو فلننقل ما يتفق مع الحق، مع عزوه إلى مصادره، دون أن نحمل أنفسنا مسئوليته. وأجود ما نقله ابن كثير في هذا الموضوع مما لا يتنافى مع عصمة الأنبياء ما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن بني إسرائيل قالوا: يا موسى هل ينام ربك؟. قال: اتقوا الله. فناداه ربه عزّ وجل: يا موسى: سألوك هل ينام ربك. فخذ زجاجتين في يديك. فقم الليلة. ففعل موسى. فلما ذهب من الليل ثلث، نعس. فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما. حتى إذا كان آخر الليل، نعس، فسقطت الزجاجتان، فانكسرتا. فقال: يا موسى: لو كنت أنام، لسقطت السموات والأرض، فهلكت كما هلكت الزجاجتان في يديك».
قال ابن عباس: فأنزل الله عزّ وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم آية الكرسي. أي لكي لا يسأل جاهل عن مثل هذا الموضوع.
لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ كأنه من خلال آية الكرسي قامت الحجة على كل إنسان بهذا الدين. إذ من يستطيع أن يصف الله بهذا الوصف، وبمثل هذا الكمال إلا الله. فجاءت هذه الآية.
[سبب النزول]
روى ابن جرير، وأبو داود، والنسائي عن ابن عباس قال: