للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضوع في سورة الأحزاب عند قوله تعالى: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا.

(ز) فرق بعض العلماء بين النفاق الاعتقادي والنفاق العملي، والحقيقة أن النفاق حالة قلبية تنبثق عنها أخلاقيتها، كما أن الكفر حالة قلبية تنبثق عنها أخلاقيتها، وكذلك الإيمان حالة قلبية تنبثق عنها أخلاقيتها. فمن أخلاقية النفاق ما ذكره لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن أبي هريرة «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان». وكذلك ما أخرجه البخاري وغيره عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان. وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر»، فهذه أخلاقيات النفاق التي تدل على وجوده، ومن الحديث الأخير ندرك أن علينا أن نفرق بين النفاق الخالص والنفاق المخالط، وفي الأصل فإن علينا أن نفرق بين الزلة العارضة والخلق الدائم.

(هـ) من ذكر التجارة في قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ نفهم فهما بعيدا لا ينصب عليه السياق أن من عوامل النفاق وأسبابه الرغبة في الدنيا، والحرص عليها، وأنهم باعوا دينهم بمنفعة أو مصلحة.

[٦ - كلمة في السياق]

(أ) جاءت مقدمة سورة البقرة بعد سورة الفاتحة مباشرة فأرتنا النموذج الذي ينبغي أن نكونه، وعرفتنا على نموذجين لا ينبغي أن نكون من أهلهما، ولنلاحظ خاتمة سورة الفاتحة:

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ فهؤلاء رأينا نموذجهم الفقرة الأولى عن المتقين.

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ. وقد رأينا نماذج ذلك في الفقرتين الثانية والثالثة من مقدمة سورة البقرة، فالكافرون مغضوب عليهم وضالون، والمنافقون مغضوب عليهم وضالون، ولا يتعارض هذا مع كون المغضوب عليهم على الأخص

<<  <  ج: ص:  >  >>