١ - قال النسفي: دلت الآية على أن طاعة الأمراء واجبة، إذا وافقوا الحق، فإن خالفوه فلا طاعة لهم. وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه قال:
«بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، فلما خرجوا، وجد عليهم في شئ، قال: فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني، قالوا:
بلى، قال فاجمعوا لي حطبا، ثم دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها.
قال: فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله من النار، فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال لهم: لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا، إنما الطاعة في المعروف». وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة».
٢ - وبمناسبة ذكر ولاة الأمر نقول: إن ولي الأمر عندنا في الأصل هو الخليفة الذي تنبثق إمرته عن شورى المسلمين، ومهمته إقامة الكتاب والسنة، والأمر له في الطريقة التي يختارها لتعيين الولاة والمساعدين. إن شاء أن يجعلها شورى، أو يعين تعيينا، ويجب على المسلمين طاعته وطاعة عماله في المعروف. روى مسلم عن أم الحصين أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول:«ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله اسمعوا وأطيعوا».
٣ - ليس هناك أهم في الإسلام من ثلاث قضايا، القضيتان الأولى والثانية:
التقوى والعبادة وهما متلازمتان. القضية الثالثة: الطاعة. لذلك كانت الأوامر الرئيسية التي وجهها الرسل لأقوامهم هي: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* (الشعراء) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (نوح) ولذلك كان من أهم الفقه في دين الله فقه العبادة والتقوى والطاعة، كيف نعبد الله عزّ وجل؟ وبماذا نعبده؟ وما هو مضمون التقوى؟ وكيف نتحقق به؟ ولمن نعطي طاعتنا؟ لله والرسول صلى الله عليه وسلم فذلك واضح، وطاعة أولي الأمر في حال الاستقامة والسلامة واضحة، وذلك إذا كان هناك خلافة راشدة بل وحتى خلافة ظالمة لكنها تعترف لله بالحاكمية وتقيم كتاب الله على ضعف أو ظلم. ولكن حيث لا خلافة راشدة ولا ظالمة فلمن تعطى الطاعة؟ عند ما يكون النظام كافرا فلمن تعطى الطاعة؟ هناك الطاعة لسلطان القانون والنظام فهذه مفروضة على المسلم كرها وهذه ليست محل بحثنا، وإنما محل بحثنا لمن يعطي المسلم طاعته الاختيارية؟ فعند ما يكون في