١ - فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ قررت هذه الآية أن الله هو المالك، وهو الحق، وهو المنزه، المتعالي وقد رأينا في بداية السورة قوله تعالى لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى وقلنا هناك: إن هذا تعليل لإنزال القرآن، وكونه على هذه الشاكلة، فالله الملك لكل شئ، أنزل هذا القرآن على عبيده، وكلفهم به، فذلك شأنه، وعلى المؤمن التسليم والإيمان، فالصلة بين اسم الملك هنا وبين سياق السورة واضح، وفي ذكر اسم الحق في هذا السياق الذي هو حديث عن هذا القرآن وضرورة الإيمان به إشارة إلى أن كتابه حق؛ لأن الله الذي أنزله حق، وفي قوله فَتَعالَى في هذا السياق إشارة إلى أن الله من العلو بحيث يكون كتابه على مثل هذا الكمال، فالصلة بين هذه الفقرة وبين سياق السورة قائمة.
٢ - وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ في هذه الفقرة توجيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلزام له بأدب الصمت حين التلقي، وإذا تذكرنا ما قلناه عند قوله تعالى لموسى فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى عرفنا أن تأديب الله لرسله عليهم السلام واحد:
الإنصات عند التلقي، ومن مثل هذه النكات الدقيقة التي ترينا هذه الوحدة في التربية الربانية على مدى العصور، وهذه الوحدة التي نرى فيها كل كلمة في القرآن، ترتبط بغيرها وتكملها ولا ينقض منها شئ شيئا، من مثل هذا نجد كيف أن هذا القرآن جل أن يكون من عند البشر.
وفي هذه الفقرة شئ آخر وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم متلق هذا القرآن تلقيا، وهو مخاطب به، ومكلف فيه، ويؤمر من أجل ذلك بأوامر، ففي ذلك تأكيد على أن هذا القرآن من عند الله، وأن محمدا رسول الله ليس إلا، ويخدم هذا المعنى الفقرة الثالثة في الآية.
٣ - وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وفي هذا الأمر في هذه الآية المبتدأة بقوله تعالى فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ إشارة إلى أن هذا القرآن فيه ما لا يتناهى من العلوم.
فهل اتضحت بهذا كله الصلة بين هذه الآية وسياق السورة ولماذا استقر عليها سياق المقاطع الثلاثة: