للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفسير]

وَما كُنْتَ يا محمد بِجانِبِ الجبل الْغَرْبِيِّ وهو المكان الواقع في شق الغرب وهو الذي وقع فيه ميقات موسى إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ أي كلمناه وكلفناه وأرسلناه وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ أي من جملة الشاهدين للإيحاء إليه أي لم تقف من جهة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى في ميقاته

وَلكِنَّا أَنْشَأْنا أي بعد موسى قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أي طالت أعمارهم وفترت النبوة، وكادت الأخبار تخفى واندرست العلوم، ووقع التحريف في كثير منها، فأرسلناك يا محمد مجددا لتلك الأخبار، مبينا ما وقع فيه التحريف، وأعطيناك العلم بقصص الأنبياء. ومن ذلك قصة موسى، كأنه قال: وما كنت شاهدا لموسى وما جرى عليه، ولكنا أوحيناه إليك. فالآيات مسوقة للتدليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وحكمتها، وأن الله أوحى إليه ذلك ليكون حجة وبرهانا على قرون قد تطاول عهدها، فنسي الناس حجج الله عليهم وما أوحاه إلى الأنبياء المتقدمين، ويستمر السياق على هذا النحو وَما كُنْتَ ثاوِياً أي مقيما فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا أي وما كنت مقيما في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا حين أخبرت عن نبيها وما قال لقومه وما ردوا عليه وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ أي ولكن نحن أوحينا إليك وأرسلناك إلى الناس رسولا، أي ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكها

وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا موسى وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أي ما كنت مشاهدا لشئ من ذلك، ولكن الله تعالى أوحاه إليك وأخبرك به رحمة منه بك وبالعباد بإرسالك إليهم لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ قال النسفي: في زمان الفترة بينك وبين عيسى ... لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي لعلهم يهتدون بما جئتهم به من عند الله.

[فوائد]

١ - في هذه الآيات يذكر الله عزّ وجل برهانا على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وحكمتها، ومن ثم قدم ابن كثير لهذه الآيات بقوله: يقول تعالى منبها على برهان نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بالغيوب الماضية خبرا كأن سامعه شاهد وراء لما تقدم، وهو رجل أمي لا يقرأ شيئا من الكتب، نشأ بين قوم لا يعرفون شيئا من ذلك كما أنه لما أخبره عن مريم وما

<<  <  ج: ص:  >  >>