٢ - وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرا عن المشركين ما كانوا يقولونه من الكذب والافتراء والبهت أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم إنما يعلمه هذا الذي يتلوه علينا من القرآن بشر، ويشيرون إلى رجل أعجمي كان بين أظهرهم غلام لبعض قريش، وكان بياعا يبيع عند الصفا، وربما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجلس إليه ويكلمه بعض الشئ، وذاك كان أعجمي اللسان، لا يعرف العربية، أو أنه كان يعرف الشئ اليسير بقدر ما يرد جواب الخطاب فيما لا بد منه، فلهذا قال الله تعالى ردا عليهم في افترائهم ذلك لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ أي القرآن أي فكيف يتعلم من جاء بهذا القرآن في فصاحته وبلاغته ومعانيه التامة الشاملة التي هي أكمل من معاني كل كتاب نزل على بني إسرائيل، كيف يتعلم من رجل أعجمي؟ لا يقول هذا من له أدنى مسكة من العقل».
أقول: لم تزل هاتان الشبهتان هما عماد ما يتمسك به الكافرون ضد القرآن، فقد ألف المستشرقون والمبشرون والأحبار آلاف الكتب في الطعن في الإسلام بسبب وجود الناسخ والمنسوخ، وادّعوا أن لهذا القرآن مصادر بشرية منها أهل الكتاب الموجودون في جزيرة العرب. وقد ردّ القرآن على هاتين الشبهتين. وأقرب رد يقال: هو أن النسخ موجود في التوراة والإنجيل، فكيف ينكرونه على القرآن؟ وأن الموجودين في جزيرة العرب من أهل الكتاب ما كان عندهم ما يقدمونه أصلا، والقرآن
يحكم عليهم وعلى غيرهم. وبهذا تنتهي المجموعة الثانية من هذا المقطع، بعد أن قررت الاستعاذة عند التلاوة، وبيّنت صفات الذين لا سلطان للشيطان عليهم. وصفات الذين للشيطان عليهم سبيل. وردت أكبر شبهتين يدّعيهما الكفار حول هذا القرآن. وقد رأينا الصلة ما بين هذه المجموعة وما قبلها، وما بينها وبين نهاية القسم السابق، وبداية القسم الثاني.
فلنر الصلة بينها وبين محور السورة.
كلمة في السياق:[المجموعة الثانية ومدى صلتها بمحور السورة]
إن محور السورة آت في سياق قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ.
وكتاب الإسلام القرآن. وقد ذكرت هذه المجموعة أدب تلاوة هذا القرآن.
وردت شبهات حوله، وحددت صفات الذين يتبعون خطوات الشيطان، وصفات الذين ليس للشيطان عليهم سبيل.