بمناسبة قوله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ينقل ابن كثير ما أخرجه الحافظ أبو يعلى عن جابر بن عبد الله قال: قلّ الجراد في سنة من سني عمر رضي الله عنه التي ولي فيها، فسأل عنه فلم يخبر بشيء فاغتمّ لذلك فأرسل راكبا إلى كذا، وآخر إلى الشام، وآخر إلى العراق يسأل هل رؤي من الجراد شئ أم لا؟ قال: فأتاه الراكب الذي من قبل اليمين بقبضة جراد، فألقاها بين يديه، فلما رآها كبر ثلاثا، ثم قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«خلق الله- عزّ وجل- ألف أمة، منها ستمائة في البحر، وأربعمائة في البر، وأول شئ يهلك من هذه الأمم الجراد. فإذا هلكت تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه». وفي حالة صحة هذا الحديث فالمراد بذكر العدد إما التكثير فلا يفهم منه الحصر، وإما أن يكون المراد الأمم الرئيسية التي خلقها الله، أو الأمم ذات الإدراك المرتفع.
بمناسبة قوله تعالى عن هذه الأمم: ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ نقل ابن كثير في معنى الحشر قولين، القول الأول أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن عباس قال: موت البهائم حشرها وذكر أنه روي عن مجاهد والضحاك مثله، والقول الثاني إن حشرها هو بعثها يوم القيامة لقوله تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ثم ذكر مجموعة آثار تشهد لهذا القول وهذه هي مع حذف الأسانيد:
أ- روى الإمام أحمد ... عن أبي ذر: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى شاتين تنتطحان فقال: «يا أبا ذر هل تدري فيم تنتطحان؟» قال: لا، قال:«لكن الله يدري وسيقضي بينهما».
ب- روى ابن جرير. عن أبي ذر قال: بينا أنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ انتطحت عنزان فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أتدرون فيم انتطحتا؟» قالوا:
لا ندري، قال:
«لكن الله يدري وسيقضي بينهما». ورواه من طريق آخر عن أبي ذر فذكره وزاد:
قال أبو ذر: ولقد تركنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما.
ج- وروى عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه ... عن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«إن الجماء لتقتص من القرناء يوم القيامة».