فقصة إبراهيم عليه السلام تذكير بكل الحقائق التي غفلت عنها قريش والناس، والتي لفتت الآيات السابقة النظر إليها وأمرت بها.
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ أي واذكر إذ قال إبراهيم رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ أي البلد الحرام مكة آمِناً أي ذا أمن وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أي أولادي وذريتي أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ومعنى جنبني أي أبعدني أي ثبتني وأدمني على اجتناب عبادتها
رَبِّ إِنَّهُنَّ أي الأصنام أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ جعلن مضلات على طريق التسبيب؛ لأن الناس ضلوا بسببهن فكأنهن أضللنهم فَمَنْ تَبِعَنِي أي على ملتي، وكان حنيفا مسلما مثلي فَإِنَّهُ مِنِّي أي هو بعضي لفرط اختصاصه وَمَنْ عَصانِي فيما دون الشرك فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تغفر وترحم لمن تاب وآمن
رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي أي بعض أولادي وهم إسماعيل ومن سيلد منه بِوادٍ هو وادي مكة غَيْرِ ذِي زَرْعٍ أي لا يكون منه شئ من زرع قط، عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ المراد به بيت الله، وسمي محرما لأن الله تعالى حرم التعرض له والتهاون به، وجعل حوله حرما لمكانه، أو لأنه لم يزل ممنعا يهابه كل جبار، أو لأنه محترم عظيم الحرمة لا يحل انتهاكها رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ أي ما أسكنتهم بهذا الوادي البلقع إلا ليقيموا الصلاة عند بيتك المحرم، ويعمروه بذكرك وعبادتك. فما أعظم الصلاة وما أغلى قيمتها عند الله ورسله فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً أي قلوبا مِنَ النَّاسِ أي من قلوب الناس تَهْوِي إِلَيْهِمْ أي تسرع إليهم من البلاد الشاسعة، وتطير نحوهم شوقا وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ أي مع سكناهم واديا ليس فيه شئ منها، بأن تجلب إليهم من البلاد القريبة والشاسعة، وقد كان ذلك كله لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ النعمة إذ تهوي إليهم الأفئدة، وإذ يرزقون أنواع الثمرات في واد ليس فيه شجر ولا ماء
رَبَّنا في تكرار النداء التضرع واللجوء إلى الله إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ أي تعلم السر كما تعلم العلن وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ هل هذا من كلام إبراهيم، أو من كلام الله تصديقا لإبراهيم عليه السلام؟ قولان للعلماء ومعنى وما يخفى على الله من شئ أي وما يخفى على الله شئ ما
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ تذكر التوراة الحالية المحرفة أن إسماعيل ولد لإبراهيم وعمره ابن ست وثمانين سنة، وأن إسحاق ولد له وعمره مائة سنة، وإنما ذكر حال الكبر لأن المنة بهبة الولد فيه أعظم، لأنها حال وقوع اليأس من الولادة والظفر بالحاجة، من أجل النعم، ولأن الولادة في تلك السن العالية كانت آية لإبراهيم إِنَ