للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعقيدته، وإيمانه، وكيانه! وهو وهم كبير. فالذي لا يتحرك إلى الأمام في هذا المجال لا بد أن يتخاذل ويتقهقر، ويرتد إلى الوراء، والذي لا يكافح الكفر والشر والضلال والطغيان لا بد أن يتخاذل، ويتقهقر ويرتد على عقبيه إلى الكفر والشر والضلال والباطل والطغيان! والذي لا تعصمه عقيدته ولا يعصمه إيمانه من طاعة الكافرين، والاستماع إليهم، والثقة بهم، يتنازل- في الحقيقة- عن عقيدته، وأن يستمع إلى وسوستهم، وأن يطيع توجيهاتهم .. الهزيمة بادئ ذي بدء. فلا عاصم له من الهزيمة في النهاية، والارتداد على عقبيه إلى الكفر، ولو لم يحس في خطواته الأولى أنه في طريقه إلى هذا المصير البائس .. إن المؤمن يجد في عقيدته، وفي قيادته، غناء عن مشورة أعداء دينه وأعداء قيادته. فإذا استمع إلى هؤلاء مرة فقد سار في طريق الارتداد على الأعقاب .. حقيقة فطرية وحقيقة واقعية، ينبه الله المؤمنين لها، ويحذرهم إياها، وهو يناديهم باسم الإيمان:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ. اهـ.

[كلمة في السياق]

لقد جاءت مقدمة القسم الخامس وهي نفسها مقدمة المقطع الأول، وفيها نهي عن طاعة الكافرين، وإعلام بولاية الله لنا، ونصرته إيانا، وفيها وعد بإلقاء الرعب في قلوب أعدائنا، وهي معان مرتبط بعضها ببعض، فكثيرا ما يحدث أن يتوهم المتوهمون أن الكافرين غالبون، وأن في قلوبهم خيرا، وأننا نحتاج إلى نصرتهم وتوليهم، فجاءت الآيات تنهى عن طاعتهم، وتبين أن الله هو المولى وهو الناصر، وأنه سيلقي في قلوب الذين كفروا الرعب، فمعاني المقدمة إذن متلاحمة مترابطة، وبعد المقدمة تأتي فقرة تتحدث عما حدث يوم أحد، فما الصلة بين الفقرة وبين ما سبقها؟ في المقدمة وعد بالنصر، وقد حدثت يوم أحد هزيمة فما السبب؟ نلاحظ أن الفقرة تبدأ بقوله تعالى وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ وإذن فبين الفقرة اللاحقة والآيات السابقة صلة، هذه الصلة يكشفها لنا السياق شيئا فشيئا، ففيها يأتي تعليل لما حدث يوم أحد، مما نستبين منه أن وعد الله لنا بالنصر، والمعونة، وإلقاء الرعب في قلوب أعدائنا، معلق بشروط فلنر ذلك من خلال السياق.

[المعنى الحرفي للفقرة]

وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ الحس: القتل، ووعد الله:

<<  <  ج: ص:  >  >>