للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه لا بد أن يملأ جهنم من هذين الثقلين الجن والإنس، وله الحجة البالغة، والحكمة التامة، وهكذا حضت هذه المجموعة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح والاتفاق على الخير، والاجتماع عليه والفرار من أسباب الهلاك في الدنيا والآخرة.

ثم ختمت السورة بتبيان حكمة ما ورد فيها وبتوجيهات أخيرة.

وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ أي وكل أخبار نقصها عليك من أنباء الرسل المتقدمين من قبلك مع أممهم، وكيف جرى لهم من المحاجات والخصومات، وما احتمله الأنبياء من التكذيب والأذى، وكيف نصر الله حزبه المؤمنين، وخذل أعداءه الكافرين، كل هذا مما نثبت به فؤادك أي قلبك يا محمد؛ ليكون لك بمن مضى من أخوانك من المرسلين أسوة، ومعنى تثبيت فؤاده: زيادة يقينه لأن تكاثر الأدلة أثبت للقلب وَجاءَكَ فِي هذِهِ أي السورة الْحَقُّ فليست خيالا بل هي وقائع ثابتة وَمَوْعِظَةٌ يرتدع بها وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ أي وذكرى يتذكر بها المؤمنون، وبهذا ندرك مظهرا من مظاهر هذا الإعجاز في القرآن، كيف أنه اجتمع فيه الحق والتذكير والوعظ، ونادرا ما تجد هذه الأشياء مجتمعة إلا في كلام الله، أو في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أو من كان على قدم رسوله صلى الله عليه وسلم، إن هذا

القرآن- الذي هو كلام الله- قد عرض الحق كله بأسلوب الوعظ والتذكير، وفي ذلك وحده مظهر واضح الدلالة على أنه من عند الله

وَقُلْ يا محمد لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بما جئت به من ربك على وجه التهديد اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ أي على طريقكم ومنهجكم، وحالكم وجهتكم التي أنتم عليها إِنَّا عامِلُونَ أي على طريقنا ومنهجنا

وَانْتَظِرُوا أي بنا ما تنتظرون من الدوائر إِنَّا مُنْتَظِرُونَ أي أن ينزل بكم من الله ما وعد وأوعد، وقد أنجز الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وعده ونصره وأيده، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هي العليا، ومكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم ختمت السورة بقوله وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تخفى عليه خافية، عالم غيب السموات والأرض، وسيؤتي كل عامل عمله يوم الحساب وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فله الخلق والأمر، وإليه المرجع والمآب، فلا بد أن يرجع إليه أمرهم وأمرك، فينتقم لك منهم، وإذا كان الشأن كذلك فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ أي فلتجتمع لك العبادة والتوكل، وقرن العبادة بالتوكل دليل على ارتباطهما ببعضهما فمن لا توكل له لا يستقيم على العبادة. ومن توكل على الله كفاه وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ أنت وهم، وسيجزيك ويجزيهم، وسينصرك وحزبك في الدارين.

<<  <  ج: ص:  >  >>