دعواهم، وعلى صحة ما جاءوا به من الله وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ مع كثرة الآيات
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ ومن عزته أن يهلك أعداءه ويقهرهم الرَّحِيمُ ومن رحمته أن ينتصر لأوليائه.
[فوائد]
١ - بمناسبة الكلام عن عاد قال ابن كثير:(وهذا إخبار من الله تعالى عن عبده ورسوله هود عليه السلام، أنه دعا قومه عادا، وكان قومه يسكنون الأحقاف، وهي جبال الرمل قريبا من حضرموت من جهة بلاد اليمن، وكان زمانهم بعد قوم نوح كما قال في سورة الأعراف وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً وذلك أنهم كانوا في غاية من قوة التركيب والقوة والبطش الشديد، والطول المديد، والأرزاق الدارة، والأموال والجنات والأنهار والأبناء، والزروع والثمار، وكانوا مع ذلك يعبدون غير الله معه، فبعث الله هودا إليهم، رجلا منهم، رسولا وبشيرا ونذيرا، فدعاهم إلى الله وحده، وحذرهم نقمته وعذابه في مخالفته وبطشه).
٢ - بمناسبة قوله تعالى: أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ* وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ينقل ابن كثير نصا ذكره ابن أبي حاتم يدل على تخوف الصحابة على هذه الأمة؛ أن تأخذ بأسباب الترف والبنيان. قال ابن كثير:(وروى ابن أبي حاتم ... «أن أبا الدرداء رضي الله عنه لما رأى ما أحدث المسلمون في الغوطة من البنيان، ونصب الشجر (بأن قطعوها وجعلوها في القصور) قام في مسجدهم:
فنادى يا أهل دمشق فاجتمعوا إليه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألا تستحيون؟! ألا تستحيون! تجمعون ما لا تأكلون! وتبنون ما لا تسكنون! وتأملون ما لا تدركون! إنه قد كانت قبلكم قرون يجمعون فيوعون، ويبنون فيوثقون، ويأملون فيطيلون، فأصبح أملهم غرورا، وأصبح جمعهم بورا، وأصبحت مساكنهم قبورا، ألا إن عادا ملكت ما بين عدن وعمان خيلا وركابا، فمن يشتري مني ميراث عاد بدرهمين؟).
٣ - ولابن كثير تحقيق رائع حول عاد وحول إرم ذات العماد. وكلامه في هذا المقام نفيس جدا فتأمله، وقد قاله بمناسبة قوله تعالى: فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ قال:
(أي استمروا على تكذيب نبي الله هود ومخالفته وعناده فأهلكهم الله، وقد بين سبب إهلاكه إياهم في غير موضع من القرآن، بأنه أرسل عليهم ريحا صرصرا عاتية، أي ريحا شديدة الهبوب، ذات برد شديد جدا، فكان سبب إهلاكهم من جنسهم، فإنهم