في الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعث مناديا ينادي في الناس: إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وفي لفظ مؤمنة.
٢ - [كلام عن نبوة النساء]
ذهب ابن حزم وآخرون إلى نبوّة سارة أم إسحاق، ونبوّة أمّ موسى وأم عيسى، استدلالا لهم بخطاب الملائكة لهنّ، والذي عليه الجمهور أن الله لم يبعث نبيا إلا من الرجال. قال تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ...
(يوسف: ١٠٩) وقد حكى الشيخ أبو الحسن الأشعري رحمه الله الإجماع على ذلك، وقد رأينا من قبل أنّ بعضهم جعل هذه الآية في الرّسالة، فهي وحدها التي لم تكن لأنثى، أما النبوّة فجوّزها ورأينا هناك ردّ ذلك.
٣ - [آثار هامة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
بمناسبة قوله تعالى: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ ننقل هذه الأحاديث التي أوردها ابن كثير في هذا المقام: روى الإمام أحمد عن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم». قال يزيد: وأحسبه قال: «وأسواقهم وواكلوهم وشاربوهم؛ فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متكئا فجلس فقال: «لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا». وروى أبو داود عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله، وشريبه، وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض- ثم قال- لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إلى قوله فاسِقُونَ ثم قال: كلا والله لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، ولتأخذنّ على يد الظالم، ولتأطرنّه على الحق أطرا، أو تقصرنّه على الحق قصرا» وروى ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذنب نهاه عنه تعذيرا، فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون أكيله وخليطه وشريكه، فلمّا رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض، ولعنهم على لسان نبيّهم داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والذي