للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث كنت، أو معلّما للخير حيث كنت وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ أي أمرني بهما ما دُمْتُ حَيًّا أي مدة حياتي

وَبَرًّا بِوالِدَتِي أي بارا بها أكرمها وأعظّمها وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً أي متكبرا شَقِيًّا أي عاقا

وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا أي جنس السلام عليّ في هذه المواطن الثلاثة، وفيه تعريض باللعنة على متهميّ مريم وأعدائها، إذ المقام مقام مناكرة وعناد، فكان مئنة لمثل هذا التعريض، وفي كل ما قاله إثبات لعبوديته لله عزّ وجل، وأنه مخلوق مأمور، وهو خلق من خلق الله الذي يحيي ويميت، كما أنّه يبعث كسائر الخلائق، وفي نطقه المعجز هذا في صغره قدّم الدليل على براءة أمه

ذلِكَ أي الذي قال إنى عبد الله ...

عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لا كما قالت النصارى إنه إله، أو ابن الله قَوْلَ الْحَقِّ أقول قول الحق، أي هو ابن مريم وليس بإله كما يدّعونه الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ أي يشكّون أو يختلفون. فقالت اليهود: ساحر كذاب ابن زانية. وقالت النصارى: ابن الله وثالث ثلاثة

ما كانَ لِلَّهِ أي ما ينبغي له أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ نزّه ذاته عن اتخاذ الولد إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ أي كما قال لعيسى كن فكان من غير أب، ومن كان متّصفا بهذا كان منزها أن يكون والدا

وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ يعني كما أنا عبده فأنتم عبيده، وعليّ وعليكم أن نعبده، وهو من كلام عيسى فَاعْبُدُوهُ أي ولا تشركوا به شيئا هذا أي الذي ذكرته في كوني عبد الله، وأن الله ربي وربكم، وأن عليكم أن تعبدوه صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ أي طريق لا عوج له

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ أي فاختلف الفرق مِنْ بَيْنِهِمْ من بين النصارى، أو من بين الناس، أو من بين قومه، فمنهم من قال: إنه ابن الله، ومنهم من قال: إنه الله، ومنهم من قال: ثالث ثلاثة ومنهم من قال: هو عبد الله ورسوله فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا من الأحزاب، إذ أحدهم كان على الحق وهم الذين يعترفون أنه رسول الله مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ هو يوم القيامة، أو من شهودهم هول الحساب والجزاء في يوم القيامة، أو من شهادة ذلك اليوم عليهم، أو أن تشهد عليهم الملائكة والأنبياء وجوارحهم بالكفر، أو من مكان الشهادة أو وقتها

أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ أي إن عموا وصمّوا عن الحق في الدنيا، فما أسمعهم وما أبصرهم بالهدى يوم لا ينفعهم يَوْمَ يَأْتُونَنا أي يوم القيامة لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي في ضلال عن الحق ظاهر واضح، أي لكنهم في الحياة الدنيا- بسبب ظلمهم أنفسهم- في ضلال ظاهر، وهو اعتقادهم أن عيسى إله معبود، مع ظهور آثار

<<  <  ج: ص:  >  >>