للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شرائع الإسلام كلها. وهذه أسئلة عن أحكام الإسلام في أمور ثلاثة وأجوبتها.

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، قُلْ: فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما. روى الإمام أحمد عن عمر أنه قال: «اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا». فنزلت هذه الآية التي في البقرة: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ... فدعي عمر فقرئت عليه. فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا. فنزلت الآية التي في النساء: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى. فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى: أن لا يقربن الصلاة سكران. فدعي عمر.

فقرئت عليه. فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا. فنزلت الآية التي في المائدة.

فدعي عمر فقرئت عليه. فلما بلغ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ: قال عمر: انتهينا، انتهينا. وفي رواية ابن أبي حاتم بعد قوله انتهينا: إنها تذهب المال، وتذهب العقل».

قال النسفي: (نزل في الخمر أربع آيات. نزل بمكة: وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ... (سورة النحل) فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال. ثم إن عمر ونفرا من الصحابة قالوا: يا رسول الله! أفتنا في الخمر، فإنها مذهبة للعقل، مسلبة للمال. فنزل: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ ... فشربها قوم، وتركها آخرون. ثم دعا عبد الرحمن بن عوف جماعة، فشربوا، وسكروا. فأم بعضهم فقرأ: «قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون .. ». فنزل: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى. فقل من يشربها. ثم دعا عتبان بن مالك جماعة، فلما سكروا منها، تخاصموا، وتضاربوا. فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا.

فنزل: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. فقال عمر: انتهينا يا رب.

[المعنى الحرفي]

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ: عن تعاطيهما، وعن حكم الله فيهما.

والخمر: مصدر خمره خمرا إذا ستره. وسميت بذلك، لسترها العقل. والميسر:

القمار، مصدر من يسر كالموعد من وعد. يقال: يسرته، إذا قمرته. واشتقاقه من اليسر، لأنه أخذ من مال الرجل بيسر، وسهولة: بلا كد، ولا تعب. أو من اليسار. لأنه سلب اليسار. قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ: أي يحتويان آثاما عظيمة بسبب التخاصم والتشاتم، وقول الفحش والزور. ولما في الخمر من زوال العقل وفقدان

<<  <  ج: ص:  >  >>