للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الصدور، ويعرف ما في القلوب على الحقيقة في لحظات المحن، فهي محك الإيمان.

وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي بخفياتها وما يختلج فيها من السرائر والضمائر. ثم بين الله- عزّ وجل- علة ما حدث، وهو المعاصي التي كان يواقعها من يواقعها منهم.

مما يدل على أن الطاعة قبل المعركة والتوبة قبل المعركة، عاملان من عوامل الثبات فيها فقال:

إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ أي: إن الذين انهزموا منكم- دل ذلك على أن محمدا والصفوة لم ينهزموا- يوم التقى جمع المسلمين بجمع المشركين يوم أحد.

إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا أي: إنما دعاهم الشيطان إلى الزلة، وحملهم عليها ببعض ذنوبهم السالفة، وهل المراد بذلك ذنب من عصى يوم المعركة بتركه مركزه في القتال، أو المراد ذنوب قبل ذلك،

قولان للمفسرين: قال بعض السلف: «إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن من جزاء السيئة السيئة بعدها» والإضافة إلى الشيطان لطف وتقريب، والتعليل بكسبهم وعظ وتأديب، ثم بشرهم الله- عزّ وجل- بالعفو فقال: وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ أي ولقد تجاوز عنهم عما كان منهم من الفرار فهو يغفر الذنوب، حليم لا يعاجل بالعقوبة، حليم بخلقه، ويتجاوز عنهم.

[كلمة حول السياق]

رأينا أن سورة آل عمران فيها تفصيل لما أجمل في مقدمة سورة البقرة، وتحديد للعلاقة بين أهل الإيمان والتقوى، وبين غيرهم. وفي هذا المقطع حدد الله- عزّ وجل أنه لا يصح أن يعطي أهل الإيمان الطاعة لأهل الكفر، ووعد فيه أهل الإيمان بالنصر، ومن خلال ما حصل يوم أحد علم أن الوعد مشروط، وبين المقطع من خلال ما حدث يوم أحد، كيف يستقبل أهل الإيمان؛ وأهل النفاق ما يمتحن الله به عباده.

فالمقطع إذن أعطانا تفصيلات عن حال أهل الإيمان في المحن، وحال أهل النفاق فيها، وأعطى أهل الإيمان دروسا فيما ينبغي أن يكونوا عليه، وأدبهم على ألا يعطوا

الطاعة لأهل الكفر، وهدم المقطع كل سبب يمكن أن يتوهمه مسلم لإعطاء هذه الطاعة.

[فوائد]

لقد حدثت هزيمة يوم أحد، ومنع المسلمون النصر والغلبة، ولكن الصفحات التي

<<  <  ج: ص:  >  >>